للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى سر زيادتها في قوله تعالى: أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ [البقرة: ٢٣٧].

وإسقاطها من قوله تعالى: فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ [النساء: ٩٩].

أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف الألف في بعض الكلمات المتشابهة دون بعض، كحذفه من قرءنا في يوسف والزخرف، وإثباته في سائر المواضع قُرْآناً، وكذا إثبات الألف بعد الواو في سَماواتٍ في سورة فصّلت، وحذفها في غيرها سموت، وكذا في إطلاق بعض التاءات وربطها نحو «رحمة» و «نعمة» و «قرة» و «شجرة» فإنها في بعض المواضع كتبت بالتاء المفتوحة وفي مواضع أخرى كتبت بالهاء ... وكل ذلك لأسرار إلهية وأغراض نبوية) (١).

وذهب الفريق الثاني: منهم ابن خلدون والباقلاني إلى أن الرسم اصطلاحي واجتهادي لا توقيفي.

قال الباقلاني: (وأما الكتابة فلم يفرض النبي صلّى الله عليه وسلّم على الأمة فيها شيئا، إذ لم يأخذ على كتاب القرآن وخطاط المصاحف رسما بعينه دون غيره أوجبه عليهم وترك ما عداه، إذ وجوب ذلك لا يدرك إلّا بالسمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه، أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلّا على وجه مخصوص، وحدّ محدود لا يجوز تجاوزه، ولا في نص السنة ما يوجب ذلك ويدلّ عليه، ولا في إجماع الأمة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية، بل السنة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا، ولا نهى أحدا عن كتابته.

ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه بأن ذلك اصطلاح، وأن الناس لا يخفى عليهم الحال، ولأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف الكوفية والخط الأول، وأن يجعل اللام على صورة الكاف، وأن تعوج الألفات، وأن يكتب على غير هذه الوجوه، وجاز أن يكتب المصحف بالخط والهجاء القديمين، وجاز أن يكتب بالخطوط والهجاء المحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك، وإذا كانت خطوط المصحف وكثير من حروفها


(١) الإبريز ص ٥٧.

<<  <   >  >>