للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذا لما جاءته أمه وإخوته ووقفوا ببابه، أعرض عنهم وأقبل على تلاميذه الذين يسمعون منه كلام الله ويعملون به "فأجاب وقال لهم: أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله، ويعملون بها" (لوقا ٨/ ٢١)، فكلام الله ليس مجرد بشارة يؤمن بها المؤمنون - كما يزعم القائلون بأن إنجيل المسيح هو البشارة بخلاصه -، بل هو عمل ينصاعون إليه وبنفذونه.

وكذا يقول مؤكداً وحي الله إليه فيما يقوله ويبلغ عنه: "الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني" (يوحنا ١٤/ ٢٤).

وهذا الوحي الذي آتاه الله سيحاسب الناس بحسبه يوم القيامة " من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه، الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير، لأني لم أتكلم من نفسي " (يوحنا ١٢/ ٤٨ - ٤٩).

[الإقرار بوجود إنجيل المسيح وفقده]

ونقل العلامة رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه، ومنهم مارش وليكرك وكوب وإيخوهورن وغيرهم، يقول إيخهورن ( Johann Gottfried Eichhorn) : " إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم، ولم يروا أحواله بأعينهم، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ".

ويصف الدكتور هارناك هذا الإنجيل فيقول: " والإنجيل الذي قام بتبليغه المسيح إنما كان يتعلق بالأب وحده، ولا يتعلق بالابن، وليس ذلك أمراً متضاداً، كما أنه ليس عقلانية، وإنما هو عرض بسيط ساذج للحقائق التي بينها مؤلفو الأناجيل ". (١)


(١) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (٢/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>