نقل بولس في رسالته إلى العبرانيين بشارة الله لداود بابنه سليمان، لكنه جعلها نبوءة بالمسيح عليه السلام، فيقول:"كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء .. صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً أفضل منهم، لأنه لمن من الملائكة قال قط: أنت ابني، أنا اليوم ولدتك. وأيضا أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً"(عبرانيين ١/ ٥).
وقد اقتبس بولس العبارة الواردة في سفر صموئيل الثاني (٧/ ١٤)، وجعلها نبوءة عن المسيح، ففيه:"أنا أكون له أباً، وهو يكون لي ابناً " فقد ظن بولس أن هذه العبارة نبوءة عن المسيح عليه السلام فنقلها في رسالته.
إلا أن هذا الاقتباس غير صحيح، فالنص جاء في سياق الحديث إلى داود، فقد أمر الله النبي ناثان أن يقول لداود:"فهكذا تقول لعبدي داود ... متى كملت أيامك واضطجعت مع آبائك أقيم نسلك الذي يخرج من أحشائك، وأثبت مملكته، هو يبني بيتاً لاسمي، وأنا أثبت كرسي مملكته إلى الأبد، أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً، وإن تعوج أودبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم .. كذلك كلم ناثان داود"(صموئيل (٢) ٧/ ٨ - ١٧)، فالمتنبئ عنه يخرج من أحشاء داود وليس من ذريته، وهو يملك على بني إسرائيل بعد اضطجاع داود أي موته، وهو باني بيت الله، وهو متوعد بالعذاب إن مال عن دين الله، وكل هذا قد تحقق في سليمان كما تذكر التوراة.
إن أياً من تلك المواعيد لم يتحقق في المسيح عليه السلام، فهو عندهم إله لا يصح أن يتوعد بالعذاب من الله لأنه لا يخطئ ابتداءً، كما أنه لم يبنِ لله بيتاً، ولم يملك على بني إسرائيل يوماً واحداً، ولم يثبت كرسي مملكته، لأنه لا مملكة له أصلاً في هذا العالم كما أخبر هو فقال: "أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا