وقد توقف المحققون ملياً مع هذا الإنجيل وكاتبه، وكانت لهم ملاحظات:
- أن مرقس ليس من تلاميذ المسيح، بل هو من تلاميذ بولس وبطرس. يقول المفسر دنيس نينهام في تفسيره لإنجيل مرقس (ص ٣٩): " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة، وعلاقة خاصة بيسوع، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى ".
وثمة دليل قوي في هذا الصدد وهو شهادة المؤرخ الكنسي بابياس (١٤٠م) حين قال: "اعتاد الشيخ يوحنا أن يقول: إذ أصبح مرقس ترجماناً لبطرس دون بكل تدقيق كل ما تذكره، ولم يكن مع هذا بنفس الترتيب المضبوط ما رواه من أقوال وأفعال يسوع المسيح، وذلك لأنه لم يسمع من السيد المسيح فضلاً عن أنه لم يرافقه، ولكن بالتبعية كما قلت، التحق ببطرس الذي أخذ يصوغ تعاليم يسوع المسيح لتوائم حاجة المستمعين، وليس بعمل رواية وثيقة الصلة بيسوع وعن يسوع لأحاديثه ".
ويقول المفسر دنيس نينهام في تفسيره (ص ٣٩): " من غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في أعمال الرسل (١٢/ ١٢، ٢٥) ... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى (٥/ ١٣) .. أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس ...
لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية، فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة ". (١)
(١) انظر: المسيح في مصادرالعقائد المسيحية، أحمد عبد الوهاب، ص (٥١ - ٥٢)، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، موريس بوكاي، ص (٨٤)، الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف، يحيى ربيع، ص (١٤٠)، الأناجيل والرسائل بين انقطاع السند وتناقض المتن، محمد الشرقاوي، ص (٦٦ - ٦٧)، قاموس الكتاب المقدس، ص (٨٥٥).