للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كيف اختفت هذه الأغلاط وغيرها عن أعين النصارى]

لقد بقيت هذه الأغلاط وغيرها حبيسة دفتي الكتاب المقدس قروناً طويلة، بقي خلالها الكتاب المقدس حكراً على رجالات الكنيسة بعيداً عن أيدي العامة بموجب قرارات الكنيسة ومنها قرار مجمع تولوز ١٢٢٩م، فقد قرر هذا المجمع "منع كتب العهد القديم والجديد عن العلمانيين؛ إلا من كان يريد منهم اقتناء كتاب المزامير، ولكنا نحرم تحريماً باتاً ترجمة أي جزء من الكتاب الأخرى إلى اللغات الدارجة". (١)

ولما ظهرت الطباعة حاولت الكنيسة منع طباعة الكتاب وأصدرت مراسيم شهيرة تتوعد بالحرق والقتل من يقوم بذلك كمراسيم أراندل، وقد نفذت هذه المراسيم بالفعل، لكن ذلك كله لم يفد شيئاً، فقد انتشرت نسخ الكتاب المقدس وبعض ترجماته في القرن السادس عشر.

فلم تيأس الكنيسة التي أكد آباؤها أن شرح الأناجيل وفهم ما فيها هو من اختصاص البابا الذي يُعينه في ذلك روح القدس، لكن مارتن لوثر وأتباعه رفضوا هذه الخصوصية للكنيسة، وطالبوا بأن يكون حق قراءة وفهم الكتاب المقدس لكل أحد، فانعقد مجمع ترنت نوتردام في ١٥٤٢ - ١٥٦٣م للرد على دعوة لوثر الذي ينادي بنشر الكتاب المقدس الذي رآه لوثر لأول مرة حين كان عمره عشرين سنة!!

وكان من قرارات مجمع ترنت نوتردام: " إذا كان ظاهراً من التجربة أنه إذا كان الجميع يقرؤون في الكتب باللفظ الدارج، فالشر الناتج من ذلك أكثر من الخير، فلأجل هذا ليكن للأسقف أو القاضي في بيت التفتيش سلطان حسب تميزه بمشورة القس أو معلم الاعتراف ليأذن في قراءة الكتاب باللفظ الدارج لأولئك الذين يظنون أنهم يستفيدون، ويجب أن يكون الكتاب مستخرجاً من معلم كاثوليكي، والإذن


(١) مختصر تاريخ الكنيسة، أندرو ملر، ص (٣٤٥)، ويجدر التنبيه أن هذا المجمع هو الذي أنشأ محاكم التفتيش.

<<  <   >  >>