للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما التلميذ يعقوب فيخالفه ويناقضه، حين يرى أن الإيمان بدون عمل لا يجدي شيئاً، بل هو إيمان ميت، ويستدل لذلك ببرارة إبراهيم مناقضاً بولس، حيث لم يكف إيمان إبراهيم ليكون باراً عند الله، إذ أصبح باراً بالعمل، حين قدم ابنه إسحاق ذبيحة بين يدي الله، فحسب ذلك له براً، يقول يعقوب: "ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال، إذ قدم اسحق ابنه على المذبح، فترى أن الإيمان عمل مع أعماله، وبالأعمال أكمل الإيمان، وتم الكتاب القائل: فآمن إبراهيم بالله فحسب له براً ودعي خليل الله.

ترون إذاً أنه بالأعمال يتبرر الإنسان، لا بالإيمان وحده .. لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا الإيمان أيضا بدون أعمال ميت" (يعقوب ٢/ ٢١ - ٢٦)، فهل تبرر إبراهيم بالإيمان وحده، أم أن الإيمان بدون عمل جسد ميت؟

[أين كانت موعظة المسيح؟]

ويذكر الإنجيليون موعظة المسيح الطويلة لتلاميذه، والتي عزّى فيها الفقراء والجياع، وتهدد الأغنياء والمتخمين، لكنهم اختلفوا في الموضع الذي كانت فيه الموعظة، "ولما رأى الجموع صعد إلى الجبل، فلما جلس تقدم إليه تلاميذه .. " (متى ٥/ ١)، فمتّى يرى أن الموعظة كانت على الجبل.

وهو ما يخالفه فيه لوقا، والذي يجعل الموعظة في سهل، لا في الجبل، فيقول: "ونزل معهم، ووقف في موضع سهل هو وجمع من تلاميذه .. " (لوقا ٦/ ١٧).

ويحاول الأب متى المسكين الجمع بين النصين، فيأتي بقول لا علاقة له بأي من النصين من قريب ولا بعيد، فيقول: "ربما يكون أنه بعد أن ألقى العظة على الجبل جالساً نزل إلى السهل ليشفي المرضى واقفاً ثم صعد مرة أخرى". (١)


(١) الإنجيل بحسب القديس متى (دراسة وتفسير وشرح)، الأب متى المسكين، ص (٢١٢).

<<  <   >  >>