الأعداء أمراً محالاً لم تطبقه المجتمعات النصرانية في يوم من الأيام، فإنه لا يحسن أن يكون المسيح قد أمر بمحبة الشيطان، أكبر أعداء الإنسان، ومثله يقال في شياطين الإنس الذين يبغضهم الله، ولا يحسن بالمؤمن أن يحبهم وقد أبغضهم ربه جل وعلا.
وتزداد النكارة والغرابة من أمر الكتاب المؤمنين بمحبة أعدائهم مهما أساؤوا وصنعوا، بينما يطلب في موضع آخر من المؤمنين أن يبغضوا أولئك الذين أحسنوا إليهم أو يلوذون بهم من والِدين وإخوة وأبناء، فإن بغضهم وكراهيتهم شرط للتلمذة عند السيد المسيح كما زعم لوقا "إن كان أحد يأتي إليّ، ولا يبغض أباه وأمه وأولاده وإخوانه حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون تلميذاً "(لوقا ١٤/ ٢٦ - ٢٧).
ثانياً: العجز التشريعي للعهد الجديد
ورأى المحققون أيضاً أن تشريعات الأناجيل عاجزة عن إقامة الحياة المستقيمة المتكاملة بما تحمل هذه الأناجيل من مثالية مقيتة يستحيل أن تصلح الحياة معها، ومن ذلك ما نسبه متى إلى المسيح:"من لطمك على خدك، فحول له الآخر أيضاً "(متى ٥/ ٣٩)، وقد ورد النص في مقابل القصاص، ولذلك فهو إلغاء لشريعة القصاص، أو إضافة أخلاقية تفتقر إلى المعقولية، وكأني به يحث على الرضا بالضيم والظلم، وهو ولا ريب سبب عظيم في ظهور الفساد والبغي.
- ومثله قول لوقا:" من ضربك على خدك الأيمن فاعرض له الآخر، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك .... ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه به "(لوقا ٦/ ٢٨ - ٢٩)، فهل يصنع هذا أحد من العقلاء؟ ولو صنعه الناس فأي واقع من الظلم والاضطهاد والشرور سيكون؟!
وهنا نتساءل: لو كان هذا النص من كلام المسيح، فلم خالفه عندما ضربه خدم رؤساء الكهنة فلم يعرض له الخد الآخر، بل قال له: " إن كنت قد تكلمت ردياً