ما تجمع عليه الكنائس النصرانية المختلفة، بينما تشير الإحصائيات إلى زيادة مطردة في أعداد النساء، ففي انجلترا تزيد النساء على الرجال أربعة ملايين امرأة، وفي ألمانيا خمسة ملايين، وفي أمريكا ثمانية ملايين، فكيف يحل العهد الجديد هذه المشكلة التي ستتفاقم آثارها إذا تابع النصارى قول بولس في الحث على التبتل وترك الزواج " أقول لغير المتزوجين وللأرامل: إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا، ولكن إذا لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا "(كورنثوس (١) ٧/ ٨ - ٩)، إن نتيجة هذا التعليم هي الفضائح التي تهز جنبات الكنيسة وتقرعها كل يوم، لتثبت أن الفطرة لا تُغلب، وأن هذا التوجيه ليس من كلمة الله، لأن الله يعلم ما يصلح عباده ويناسب أحوالهم.
ثالثاً: دور نسخ الشريعة ورفعها في انتشار التحلل والفساد
ولكن كل ما ذكرناه ليس إلا أسباباً جانبية للبلاء، وأما أسّ البلاء الذي تعاني منه المجتمعات النصرانية فيكمن في عقيدة الخلاص والفداء، والتي تجعل الإيمان بصلب المسيح كافياً للخلاص ومحرراً من لعنة الناموس والشريعة التي نسخها بولس بأقواله، لقد نسخ - بجرة قلم - كل ما قررته الشريعة من تحريم وتجريم وعقوبة من ارتكب الموبقات المختلفة من زنا وشرب للخمور وقتل وفساد، إذ الإيمان بالمسيح المصلوب نيابة عنا يكفر خطايانا مهما عظمت، وهكذا يمضي المؤمن بهذه النصوص إلى ضروب الرذيلة وفنونها غير خائف من عقاب الله ودينونته.
لقد سمى بولس شريعة الله التي تهذب السلوك البشري: لعنة، فقال:" المسيح افتدانا من لعنة الناموس"(غلاطية ٣/ ١٣).
وأعلن عن عدم الحاجة إليها بعد صلب المسيح فقال:" قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان، ولكن بعد ما جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدب "(غلاطية ٣/ ٢٤ - ٢٥).