ومثله يرفض العقل ما حكاه متى من عجائب حصلت عند موت المسيح يقول:" وأسلم الروح، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين "(متى ٢٧/ ٥١ - ٥٤).
والقصة من الغلط بل والكذب، إذ لم يعهد مثل هذه العودة للقديسين والراقدين، ولم يعهد أن عاد هؤلاء أو غيرهم من الموت.
ثم ماذا بعد العودة هل تزوجوا؟ وهل عادوا لبيوتهم؟ أم ماتوا بعدها؟ أم .. ، ثم ماذا كانت ردة فعل اليهود وبيلاطس والتلاميذ أمام هذا الحدث العظيم؟
الإجابة: لا شيء. إذ لم يذكر شيء عند متى ولا عند غيره ممن لم يذكر هذه العجائب، ولو كانت حقاً لسارت في خبرها الركبان، ولآمن الناس بالمسيح حينذاك، يقول الأب كننغسر: يجب الامتناع عن الهزء (أي بمثل هذه الأخبار)، لأن نية متى كانت محترمة جداً، إنه يدمج المعطيات القديمة للرواية الشفهية مع مؤلَفه، ولكن يبقى إخراجه لائقاً بعيسى، المسيح النجم.
وقال نورتن الملقب بحامي الإنجيل:" هذه الحكاية كاذبة، والغالب أن أمثال هذه الحكايات كانت رائجة عند اليهود بعد ما صارت أورشليم خراباً، فلعل أحداً كتب في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى، وأدخلها الكاتب في المتن، وهذا المتن وقع في يد المترجم، فترجمها على حسبه".
ونقول ما قاله العلامة أبو زهرة:" لعل كثيراً مما في المتن أصله في الحاشية ثم نقل خطأ في المتن"، فكيف يتسنى لنا بيان هذا الزائف وإخراجه من الكتاب؟ (١)
(١) انظر: إظهار الحق، رحمة الله الهندي (١/ ٣١٣ - ٣١٦)، محاضرات في النصرانية، محمد أبو زهرة، ص (١٠٧).