للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تدوين وقانونية العهد الجديد]

ويقفز إلى الأذهان أسئلة جديدة: كيف ظهرت الأناجيل بعد اختفاء إنجيل المسيح؟ ومن الذي كتبها؟ وما ظروف كتابتها؟

في الإجابة عن هذه الأسئلة نقول: يقرر عدد من مؤرخي النصرانية انتقال روايات شفاهية، تبلورت فيما بعد بحركة دائبة في كتابة سيرة المسيح لتلبية حاجات الكنيسة المسيحية الناشئة، ونكتفي هنا بنقل ما ذكره يواكيم إرميا في كتابه الذي نشرته الكنيسة المصرية بعنوان " أقوال المسيح غير المدونة في بشائر الأناجيل " فيقول: " ينبغي أن نضع نصب أعيننا حقيقتين أساسيتين عن بشائر الإنجيل وكتابتها: أنه لمدة طويلة، كانت كل التقاليد المعروفة عن المسيح، كلها أقوال شفاهية متناقلة .. واستمرت على هذه الصورة ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً، ولم يتغير الوضع إلا في عهد اضطهاد نيرون للمسيحيين، حينها اجتمع شيوخ الكنيسة وكبارها في خريف عام ٦٤م، ووجدوا أن الكثيرين من أعمدة الكنيسة قد فقدوا .. ولم يجد المجتمعون أمامهم إلا يوحنا الملقب مرقص، زميل الرسول بطرس في الخدمة .. ليسجل كل ما يستطيع أن يتذكره من أحاديث المسيح وتعاليمه، وكتب مرقص بشارته المختصرة التي تحمل اسمه، وهي أقدم قصة كتبت عن حياة المسيح.

والحقيقة الثانية: أن قصة مرقس عن المسيح وأقواله قد دفعت غيره ليحذوا حذوه، وينسجوا على منواله .. وتنشأ بشائر أخرى ... حتى كان هناك عدد لا يستهان به من البشائر ...

ولما رأت الكنيسة أن الأمر جدُّ خطير بدأت في تقصي أسس هذه البشائر الأربعة المعروفة، واعتبرت ما سواها " بشائر أبو كريفية "، طوردت وجمعت وأحرقت حتى اختفت ".

<<  <   >  >>