- ويذكر متى دعوة المسيح إلى التخلي عن الدنيا بما فيها الحاجات الأساسية والضرورية للحياة الإنسانية السوية، فقد جاءه رجل فقال للمسيح بأنه حفظ الوصايا كلها " فماذا يعوزني بعد؟ قال له يسوع: إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال واتبعني، (لكن الشاب الصالح) مضى حزيناً، لأنه كان ذا أموال كثيرةً.
فقال يسوع لتلاميذه: الحق أقول لكم: إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى ملكوت الله، فلما سمع تلاميذه بهتوا جداً قائلين: إذاً من يستطيع أن يخلص " (متى ١٩/ ٢٠ - ٢٥).
فهذا النص وأمثاله محارب لدفعة الحياة التي بها يقوم العمران والحضارات.
- ومثله تلك الدعوة التي نرى فيها دعوة للتكاسل والقعود، تبأس البشرية إن فعلتها، وهي ما جاء في لوقا:" لاتهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبسون، الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس، تأملوا الغربان إنها لا تزرع ولا تحصد، وليس لها مخدع ولا مخزن، والله يقوتها ... تأملوا الزنابق كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل ... فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون، ولا تقلقوا ... بل اطلبوا ملكوت الله، وهذه كلها تزاد لكم "(لوقا ١٢/ ٢٢ - ٣١).
- ومثله يذكر متى أن المسيح أمر تلاميذه:" لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم، ولا مزوداً للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصاً "(متى ١٠/ ٩ - ١٠)، فكيف تعمر الأرض لو امتثل الناس جميعاً بهذا الأمر المحال.
- ومما يصادم الفطرة الإنسانية المثالية غير المعقولة ولا المحمودة في بعض فقرات العهد الجديد كما في قول متى الذي نسبه إلى للمسيح في قوله:"وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم"(متى ٥/ ٤٤)، فعلاوة على كون الأمر بمحبة