فيما قال كريسباخ بأنها ١٥٠٠٠٠ اختلاف، وتؤكد ذلك دائرة المعارف البريطانية بقولها:" إن مقتبسات آباء الكنيسة من العهد الجديد والتي تغطي كله تقريباً تظهر أكثر من مائة وخمسين ألف من الاختلافات بين النصوص".
وممن اعترف بكثرة هذه الاختلافات العالم جون ميل، وذكر بأنها ثلاثون ألفاً من الاختلافات التي أثبتها في هوامش النسخة التي أصدرها عام ١٧٠٧م بعد ثلاثين سنة من الدراسة المعمقة في مائة مخطوط يوناني فقط، ولاشك أن العدد سيتضاعف فيما لو زاد في عينة الدراسة مخطوطات أخرى؛ إذ ستفرز قراءات أخرى تزيد على رقم الثلاثين ألفاً الذي وافقه عليها القس باركر البروتستانتي، وأوصل هذه الاختلافات يوهان ياكوب فتستاين (ت ١٧٤٧م) إلى أزيد من ألف ألف.
ويقول شميت:"لا توجد صفحة واحدة من الأناجيل العديدة التي لا تحتوي نصها الأقدم على اختلافات عديدة".
ويحاول النصارى تبرير هذه الاختلافات الكثيرة بين المخطوطات فيقول دكتور سمعان كهلون في كتابه "مرشد الطالبين": " لا تعجب من وجود اختلافات في نسخ الكتب المقدسة، لأن قبل ظهور صناعة الطبع في القرن الخامس عشر من الميلاد كانت تنسخ بالخط، فكان بعض النساخ جاهلاً وبعضهم غافلاً وساهياً ". (١)
وهذا الكلام صحيح، لكنه يمثل نصف الحقيقة فحسب، إذ هو يغفل وقوع التحريف المتعمد من قبل النساخ، وهو ما أقر به المدخل الفرنسي للعهد الجديد، فقد جاء فيه: " إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة. بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية .. هناك فوارق أخرى بين الكتب الخط تتناول معنى فقرات برمتها واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير.
فإن نص العهد الجديد قد نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء ... يضاف إلى ذلك أن بعض
(١) انظر: مرشد الطالبين إلى الكتاب الثمين، دكتور سمعان كهلون، ص (١٣).