إذ أن ذلك الوعيد ليهوياقيم يتعارض مع زعم النصارى أن المسيح سيرث كرسي داود، فإن لوقا في أعمال الرسل:" من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد، ليجلس على كرسيه "(أعمال ٢/ ٣٠) ويقول: " الرب الإله يعطيه كرسي داود أبيه "(لوقا ١/ ٣٢)، فلم يجد متى من سبيل لإزالة التعارض إلا أن يسقط اسم يهوياقيم من سلسلة أجداد المسيح، ولعله ظن أن صنيعه سيُذهل القارئ عن هذا العيب الكبير، الذي يحرم المسيح من أحد أعظم نبوءات وبشارات الكتاب المقدس.
ولست أدع القارئ يحزن لما يرى من إسفاف بحق المسيح عليه السلام، الرسول العظيم الذي لم يكن كذلك أبداً، وحتى يتعزى فإني أنقل له شهادة الفيلسوف الشهير إرنست رينان في كتابه المسمى "حياة يسوع"(ص ١٥)، حيث يقول:"لو أننا اقتصرنا في الكتابة عن حياة يسوع على الأشياء المؤكدة؛ فعلينا أن نكتفي ببضعة أسطر". (١) ومن المؤكد أن هذه الأسطر القليلة لن تحمل تلك الصفحات المشينة التي تسيء إلى المسيح عليه السلام.
إنا لنرجو أن يشاركنا القارئ المنصف في أن هذه الإساءت المتلاحقة من الإنجيليين إلى المسيح عليه الصلاة والسلام دليل آخر يشهد ببراءة وحي الله عن الإيحاء بمثل هذا الذي يتنزه عنه أنبياء الله الكرام، الهداة الدعاة، ملح الأرض وزينتها، ومنهم سيدنا المسيح عليه الصلاة والسلام.
(١) نقلاً عن موجز تاريخ الأديان، فيلسيان شالي، ص (٢٤١).