المسيح قال له:"صعب عليك أن ترفس مناخس"(أعمال ٢٦/ ١٤).
ويُستغرب هنا كيف ينقل شخص من الكفر والعداوة إلى القديسية والرسالة من غير أن يمر حتى بمرحلة الإيمان، فمن الممكن تصديق التحول من فرط العداوة إلى الإيمان، أما إلى النبوة والرسالة من غير إعداد وتهيئة فلا، ومن المعلوم أن أحداً من الأنبياء لم ينشأ على الكفر، فهم معصومون من ذلك.
ولنا أن نتساءل كيف لبولس أن يجزم بأن من رآه في السماء وكلمه كان المسيح وليس غيره، إذ هو لم يلق المسيح طوال حياته.
ب. نفاقه وكذبه
ومن الأمور التي وقف عليها المحققون في شخصية بولس تلونه ونفاقه واحترافه للكذب في سبيل الوصول لغايته.
فهو يهودي فريسي ابن فريسي (انظر أعمال ٢٣/ ٦)، لكنه عندما خاف من الجلد قال:"أيجوز لكم أن تجلدوا إنساناً رومانياً"(أعمال ٢٢/ ٢٥).
وبولس يستبيح الكذب والتلون للوصول إلى غايته فيقول:"صرت لليهود كيهودي ... وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس ... وللذين بلا ناموس كأني بلا ناموس ... صرت للكل كل شيء"(كورنثوس (١) ٩/ ٢٠ - ٢١).
ويستبح بولس الكذب فيقول:"إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أدان بعد كخاطئ"(رومية ٣/ ٧).
ومن نفاقه وتلونه تزلفه لحكام روما الوثنيين واعتبارهم وسائر الحكام سلاطين موضوعين من قبل الله، ويمضي فيجعل الضرائب والجزية التي يفرضونها حقاً مشروعاً لهم، فيقول: " لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله،