للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو رأيتَهم في ليلِهم، وقد انتصبوا لِنَسْخ ما سَمِعوا (١)، وتصحيحِ ما جَمَعوا (٢)، هاجرين للفَرْشِ (٣) الوطِيِّ (٤)، والمَضْجَعِ الشَّهِيِّ، قد غشيَهم النُّعاسُ فأَنامَهم، وتساقطت مِن أكُفِّهم أقلامُهم، فانتبهوا مذعُورين قد أوجعَ الكَدُّ (٥) أصلابَهم، وتَيَّهَ السُّكْرُ أَلْبَابَهم (٦)، فتَمَطَّوْا (٧) لِيُرِيحوا الأبدانَ، وتحوَّلوا ليَفْقدوا النَّوْمَ مِن مكانٍ إلى مكان، ودَلَكُوا بأيديِهم عيونَهم، ثم عادوا إلى الكِتابة حرصًا عليها، وميلًا بأهوائِهم إليها - لَعَلِمْتَ أنَّهم حَرَسُ الإسلام، وخُزَّانُ المَلِكِ العَلَّام.

فإذا قَضَوْا مِن بعضِ ما راموا أوطارَهم، انصرفوا قاصدين ديارَهم، فلَزِمُوا المساجدَ، وعَمَرُوا (٨) المَشاهِدَ، لابسين ثوبَ الخُضوع، مُسالِمِين (٩) ومُسَلِّمِين، يَمْشون على الأرض هَوْنًا، لا يؤذون جارًا، ولا يُقارفون عارًا، حتى إذا زاغ زائغٌ،


(١) في ك: «سمعوه»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٢) في ك: «جمعوه»، والمثبت من ظ، س، أ، ي.
(٣) في س، أ، ي: «للفراش»، والمثبت من ظ، ك، حاشية س منسوبًا لنسخة، حاشية أ مصححًا عليه.
(٤) أي: الليِّن الذي لا يؤذي جنب النائم. «تاج العروس» (وط أ).
(٥) الكد: الشدة والتعب. «تاج العروس» (ك د د).
(٦) في س: «لبابهم»، والمثبت من ظ، ك، أ، ي. والمعنى: أذهب التعبُ عقولَهم، فكأنهم سُكارى.
(٧) تمطوا: تمددوا. «تاج العروس» (م ط ط).
(٨) الضبط بتخفيف الميم المفتوحة من س، وضبطه في أ بتشديدها، وكلاهما جائز.
(٩) الضبط بكسر اللام من ك، أ، وضبطه في س بفتحها، وكلاهما جائز.

<<  <   >  >>