للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صالح: قال لنا ابن وهب: قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ» (١)، ليس يريدُ فقرَ القِلَّةِ، إنَّما أرادَ فقرَ القَلْب (٢).

وكان الحسن بن علي السَّرَّاج (٣) يقول: يزعمون أنَّ أصحابَ الحديث أغمارٌ، وحَمَلةُ أسفارٍ! وكيف يَلْحَقُ هذا النعتُ قومًا ضَبطوا هذا العِلْمَ، حتى فرَّقوا بين الياء والتاء؟

فمِن ذلك: أنَّ أهلَ الكوفةِ روَوْا حديثَ إسماعيل بن أبي خالد، عن قَيْس بن أبي حازم، عن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ (٤) تَرْجِعُ» (٥)، فقالوا: «تَرْجِعُ» بالتاء، جعلوا الفعلَ للإصْبَع وهي مؤنَّثة.

وروى أهلُ البَصْرة، عن إسماعيل هذا الحديثَ، فقالوا: «يَرْجِعُ» بالياء، جعلوا الفعلَ لليَمِّ (٦).

قال القاضي: وضَبطوا الحَرْفَين يَشْتَرِكانِ في الصورة، يُعْجَمُ أحدُهما ولا يُعْجَمُ


(١) أخرجه البخاري (٦٣٦٨، ٦٣٧٦)، ومسلم (٥٨٩) من حديث عائشة، ولفظه عند البخاري: «أعوذ بك من فتنة الفقر»، وعند مسلم: «أعوذ بك من شر فتنة الفقر». وأخرجه أبو داود (١٥٤٤) من حديث أبي هريرة، ولفظه: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر».
(٢) قول ابن وهب أخرجه الطبراني في «الدعاء» (١٣٧٨) من طريق أحمد بن صالح.
(٣) هو شيخ المصنف، كان قاضيًا للأهواز، روى عنه أبو القاسم الطبراني في «معاجمه»، وينظر: «إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني» (ص: ٢٦٤ رقم ٣٧١).
(٤) في ظ: «ثم»، والمثبت من س، ك، أ، ي.
(٥) أخرجه مسلم (٢٨٥٨) من طريق إسماعيل بن أبي خالد.
(٦) نقله الحافظ في «الفتح» (١١/ ٢٣٢) عن المصنف بمعناه، ثم قال: «قلت: أو للواضع».

<<  <   >  >>