للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصنع بالكتاب وبينه وبين كُبَراء الصحابة كثيرٌ مِن التابعين سوى مَن لَقِي ممَّن تأخَّرت وفاتُه مِن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فحَفِظَ عنه ما حَفِظَ؟ فأَلَّا وَعَى نَسَبَ قومِه كما وَعَى غيرَه، واستغنى عن كَتْبِه؟ !

وهكذا سبيلُ (١) الحُفَّاظ المُتقدِّمين (٢)، مثل أصحاب عبد الله (٣) ومِن بعدِهم (٤) مَن ذُكِر أنَّه كان يحفظ ولا يكتب، بل الحافظ ابن راهوَيْهِ وابن وارَةَ ونُظَراؤهما ممَّن هو في حدود سنة أربعين وما بعدها، وعلى أنَّ مَنِ اعتمد حِفظَه (٥) كَثُر وَهْمُه، وإنَّما الحفظُ للمشاهدة، ولصاحبه التقدُّمُ والرياسةُ عند المُذاكرة، ولا خيرَ في عِلْم يودَع الكتبَ ويُهْمَل، كما قال بعضُ القُوَّال:

لا خَيْرَ في عِلْمٍ وَعَى القِمَطْرُ (٦) ... ما العِلْمُ إلَّا ما وعاه الصَّدْرُ (٧)


(١) في أ: «سُئِل»، والمثبت من ظ، س، ك، ي، وكتب في حاشية أ: «سبيل، في المقروء على الدمياطي».
(٢) في حاشية أمنسوبًا لنسخة طبقات السماع: «والمتقدمين»، والمثبت من ظ، س، ك، أ مصححًا عليه، ي.
(٣) لعله يريد ابن مسعود.
(٤) «ومن بعدهم» الضبط بكسر الميم الأولى والدال من س، وضبطه في ي بفتح الميم الأولى، وضبطه في أ بفتح الميم الأولى وكسرها وفتح الدال وكسرها، وكتب أسفله: «معًا» وصحح عليه.
(٥) في المطبوعة: «على حفظه» خطأ، والمثبت من جميع النسخ.
(٦) القِمَطْر، بكسر القاف وفتح الميم خفيفة وسكون الطاء: هو ما يُصان فيه الكتب. «المصباح المنير» (ق م ط ر).
(٧) هذا البيت نسبه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ٢٩٣)، ونشوان الحميري في «شمس العلوم» (٨/ ٥٦٢٧)، والسخاوي في «فتح المغيث» (٣/ ٤١) للخليل. ونسبه البيهقي في «المدخل إلى السنن» (ص: ٤١٠ رقم ٧٤٤)، والراغب الأصبهاني في «محاضرات الأدباء» (١/ ٧٠) لمحمد بن بشير. ونسبه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (١٧٦٠) -وعنه السمعاني في «أدب الإملاء» (ص: ١٤٧) - لعبيد الله بن أحمد الصيرفي. وفي بعض ألفاظ البيت عندهم اختلاف عما وقع هنا، والله أعلم.

<<  <   >  >>