للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«حُدِّثنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بكذا وكذا»، و «فلان حدثنا عن مالك والشافعي»، وسواء قيل ذلك فيمن عُلِم أنَّ المخاطِبَ (١) لم يره أو فيمن (٢) لم يُعلم ذلك منه؛ لأن معنى قوله: «عن» إنما هو أنْ رَدَّ الحديثَ إليه، وهذا سائغ في اللغة، مستعمَل بين الناس، قال: وهذا هو العِلَّة (٣) في المراسيل.

وقد نَظَم هذا المعنى بعضُ المتأخِّرين شعرًا فقال:

يَتَأدَّى إليَّ عنك مَليحٌ ... مِن حديثٍ وبارعٌ مِن بيان

فلهذا (٤) اشْتَهت حديثَك أُذْنا ... يَ وليس الإخبارُ مِثلَ العَيَان

بين قولِ الفقيه حدَّثنا سُفْـ ... ـيانُ فرقٌ وبين عن سفيانِ (٥)

وقال غيرُه من المتأخِّرين ممَّن يقول بالظاهر: إذا دفع المحدِّث إلى الذي يسأله أنْ يحدِّثه كتابًا، ثم قال: «قد قرأتُه ووقفتُ على ما فيه، وقد حدثني بجميعه فلان بن فلان، على ما في هذا الكتاب سواء حرفًا بحرف»، فإنَّ للمَقول له ما وصفنا أنْ يرويَه عنه، فيقول: «حدثني -أو أخبرني- فلان أنَّ فلانًا حدثه»، ولا يقول: «حدثني فلان أنَّ فلانًا قال: حدثنا فلان»، ثم يسوق الحديث إلى آخره؛ لأنَّ


(١) الضبط على صيغة اسم الفاعل من ظ، أ، وضبطه في س على صيغة اسم المفعول.
(٢) «فيمن» ليس في س، أ، وأثبته من ظ، ك، ي، حاشية أمنسوبًا لنسخة ومصححًا عليه.
(٣) في حاشية أمنسوبًا لنسخة طبقات السماع: «علة»، والمثبت من ظ، س، ك، أ مصححًا عليه، ي.
(٤) في ي: «فلها»، والمثبت من ظ، س، ك، أ.
(٥) من قوله: «قال بعض المتأخرين من الفقهاء» إلى هذا الموضع، رواه الخطيب في «الكفاية» (ص: ٢٩٠)، وابن رشيد في «السنن الأبين» (ص: ٤٨) بسندهما إلى المصنف.

<<  <   >  >>