للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: «حدثني فلان أنَّ فلانًا قال: حدثنا»، حكاية توجب سماعَ الألفاظ، وهو لم يسمع الألفاظ.

وسواء إذا اعترف له بما وصفنا أنْ يقول له: «قد أجزتُ لك أنْ ترويَه (١)» أو لا يقول له ذلك؛ لأنَّ الغرض إنَّما هو سماع المخبَر الإقرارَ من المخبِر، فهو إذا سمعه لم يحتج إلى أنْ يأذنَ له في أنْ يرويَه عنه، ألَا ترى أنَّ رجلًا لو سمع من رجل حديثًا، ثم قال له المحدِّث: «لا أُجيز لك أنْ ترويَه عنِّي» كان ذلك لَغْوًا، وللسامع أنْ يرويَه أجازه المحدِّث له أو لم يُجِزه، فهكذا أيضًا إذا أخبر أنه قد قرأه، ووقف على ما فيه، وأنَّه قد سمعه من فلان كما في الكتاب لم يحتج أنْ يقول: «اروه عنِّي»، ولا «قد أجزتُه لك»، ولا يضرُّه أنْ يقول: «لا تروه عنِّي»، ولا أنْ يقول: «لستُ أُجيزه لك»، بل روايته عنه في كلتا الحالتين جائزة (٢).

وإنْ قال المحدِّث: «قد أجزتُ لك أنْ ترويَ هذا الكتابَ عنِّي»، ولم يقل له: «فإنِّي قد سمعتُه من فلان كما فيه»، أو على ما وصفنا، أو قال: «قد أجزتُ لك أنْ ترويَه عنِّي عن فلان»، ولم يزده على هذا القول شيئًا، لم ينفعه ذلك؛ إذ يمكن أنْ يكون بين المحدِّث وبين ذلك الفلان المُثْبَتِ اسمُه في الكتاب رجل آخر، وهذا كقول المحدِّث: «حدثنا فلان عن فلان»، فإنَّه يمكن أنْ يكون بينهما رجل ورجلان.


(١) بعده في ي: «عني»، والمثبت بدونه من ظ، س، ك، أ.
(٢) من قوله: «وقال غيره من المتأخرين ممن يقول بالظاهر» إلى هذا الموضع رواه الخطيب في «الكفاية» (ص: ٣٤٨) بسنده إلى المصنف. وينظر: «الإلماع» (ص: ١١٠)، و «مقدمة ابن الصلاح» (ص: ٣٥٦)، و «النكت الوفية» (٢/ ١٠٨).

<<  <   >  >>