للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وإذا كان مناولةُ الكتاب مع الإقرار بما فيه مُجيزةً لروايته، فليست (١) بنا حاجة إلى الكلام في القراءة إذا فهمها واعترف بما قُرئ عليه منها؛ لأنَّها أوكد حالًا من المناولة.

وأمَّا الكتاب من المحدِّث إلى آخر بأحاديث يذكر أنَّها أحاديثُه سمعها من فلان كما رسمها في الكتاب، فإنَّ المكاتَب لا يخلو من أنْ يكون على يقين من أنَّ المحدِّث كتب بها إليه، أو يكون شاكًّا فيه، فإنْ كان شاكًّا فيه، لم تَجُز له روايته عنه، وإنْ كان مُتيقِّنًا له، فهو وسماعُه الإقرارَ منه سواء؛ لأنَّ الغرضَ من القول باللسان فيما تقع العبارة فيه باللفظ إنَّما هو تعبير اللسان عن ضمير القلب، فإذا وقعت العبارةُ عن الضمير بأيِّ سبب كان من أسباب العبارة، إمَّا بكتاب وإمَّا بإشارة، وإمَّا بغير ذلك مما يقوم مقامَه، كان ذلك كلُّه سواءً (٢)، وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدلُّ على أنَّه أقام الإشارةَ مُقامَ القول في باب العبارة: وهو حديث الرجل الذي أخبره أنَّ عليه عِتقَ رقبةٍ، وأحضره جاريةً، فقال: إنَّها أعجميَّةٌ، فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : «أَيْنَ رَبُّكِ؟ ». فأشارت إلى السماء، قال: «مَنْ أَنَا؟ ». قالت: أنتَ رسولُ الله. قال: «أَعْتِقْهَا» (٣).

٥١٠ - حدثنا زكريا السَّاجي، حدثني جماعةٌ مِن أصحابِنا، أنَّ إسحاقَ بن


(١) في س، أ مصححًا عليه، ي: «فليس»، والمثبت من ظ، ك، حاشية أمنسوبًا لنسخة.
(٢) من قوله: «لأن الغرض من القول باللسان» إلى هذا الموضع رواه ابن رشيد في «السنن الأبين» (ص: ٧٤) بسنده إلى المصنف، ونقله السخاوي في «فتح المغيث» (٣/ ٧).
(٣) أخرجه أحمد (٧٩٠٦)، وأبو داود (٣٢٨٤) من حديث أبي هريرة. وأخرجه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم السلمي بمعناه.

<<  <   >  >>