للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راهَوَيْهِ ناظَرَ الشافعيَّ -وأحمدُ بنُ حنبل حاضرٌ- في جلود الميتة إذا دُبِغت. فقال الشافعي: دِباغُها طُهُورها (١). فقال إسحاق: ما الدليل؟ فقال: حديث الزُّهْري، عن عُبَيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بشاة مَيِّتةٍ فقال: «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا».

فقال إسحاق: حديث ابن عُكَيم: كتب إلينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بشهر: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» أشبه أنْ يكون ناسخًا لحديث ميمونة؛ لأنَّه قبل موته بشهر.

فقال الشافعي: هذا كتاب، وذاك سماع. فقال إسحاق: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى كِسرى وقَيْصر، وكان حُجَّةً عليهم عند الله. فسكت الشافعي.

فلمَّا سمع ذلك أحمدُ بن حنبل ذهب إلى حديث ابن عُكَيم، وأفتى به، ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي، فأفتى بحديث ميمونة (٢).

وكان إسحاق يُنكر على الشافعي في مسألة دارت بينهم في الرجل يشتري الجاريةَ الثيِّبَ فيطؤها ويرى بها العيب، أنْ يردَّها، ويحتج أنَّ الخَراج بالضمان.


(١) الضبط بضم الطاء من س، وضبطه في ك بفتحها، والوجهان جائزان. ينظر: «مرقاة المفاتيح» (٢/ ٤٧٠).
(٢) أخرجه القاضي عياض في «الإلماع» (ص: ٨٦)، والرشيد العطار في «غرر الفوائد المجموعة» (ص: ٣٢٥)، والسبكي في «طبقات الشافعية» (٢/ ٩١) كلهم من طريق المصنف. وأخرجه الحازمي في «الاعتبار» (ص: ٥٧) من طريق أبي الشيخ الحافظ قال: حُكي أن إسحاق بن راهويه ناظر الشافعي. فذكره.

<<  <   >  >>