وقد وقع المحقق الفاضل -غفر الله لنا وله- في مثل هذا؛ إذ إنه قد أقدم على تخطئة الأصول الخطية في العديد من المواضع، وأثبت ما يظنه صوابًا في متن الكتاب، وقد يكون ما أثبته خطأ، وما في الأصول الخطية هو الصواب، وأحيانًا يخالف الأصول الخطية لا لخطئها، بل لأن ما أثبته أصح أو أصوب أو أنسب كما زعم!
وإليك بعض الأمثلة على ذلك:
- وقع فيها (رقم: ١٠٩): «وتيَّه السهر ألبابهم».
ثم ذكر في الحاشية أن الذي في النسخ الأربع التي اعتمد عليها:«السكر»، ثم قال:«والأنسب ما أثبتناه».
أقول: وكأنه رأى أن السُّكْر غير مناسب هنا؛ لأن القائل بصدد الثناء على أهل الحديث وما يلاقونه من تعب ومشقة في طلب الحديث، فكيف يشربون المسكر!
إلا أن ما اتفقت عليه الأصول الخطية صحيح، والمعنى: أذهب التعبُ والسهر عقولَهم، فكأنهم سُكارى، والله أعلم.
- وقع فيها (بعد رقم: ١٧٥): «وأبو بكر بن (محمد) بن عمرو بن حزم الأنصاري».
ثم قال في الحاشية:«لم تُذكر في الأصل -يعني: ما بين القوسين- ولا يوجد أبو بكر بن عمرو، والمشهور أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ... ».