للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: إنما سأل أبو بكر - رضي الله عنه - عن ذلك بصيغة الاستفهام توطئة لعائشة - رضي الله عنها - للصبر على فقده؛ لأنه لم تكن خرجت من قلبها الحرقة لموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان ذكر أمر موته ابتداء لدخل عليها غم عظيم من ذلك، وتجديد حزن، فيكون غمًا على غم وحزنًا على حزن (١).

وقال الحافظ العسقلاني: ويحتمل أن يكون السؤال عن قدر الكفن على حقيقته؛ لأنه لم يحضر ذلك لاشتغاله بأمر البيعة, وأمّا تعيين اليوم فنسيانه أيضًا محتمل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - دفن ليلة الأربعاء, فيمكن أن يحصل التردد هل مات يوم الاثنين أو الثلاثاء؟ انتهى (٢).

وتعقبه العيني: بأنه من البعيد أن لا يحضر أبو بكر تكفين النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كونه أقرب الناس إليه في كل شيء، ومع هذا كانت البيعة في اليوم الذي توفي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الاثنين، والتكفين كان وقت دفنه ليلة الأربعاء. قاله ابن إسحاق. فإن قلت: قال الواقدي: كانت البيعة يوم الثلاثاء. فالجواب: أنه كان يوم الاثنين يوم السقيفة, وكانت البيعة العامة يوم الثلاثاء. قاله الزهري وغيره (٣).

(قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها -: قلت له: كفناه (فِى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ) بكسر الموحدة جمع أبيض (سَحُولِيَّةٍ) بفتح السين المهملة وبضم الحاء المهملة نسبة إلى سحول قرية باليمن (لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) وقد مر الكلام فيه مستوفي في "باب: الثياب البيض للكفن".

[٢٨٠ أ/ص]

(وَقَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه - (لَهَا) أي: لعائشة - رضي الله عنها -: (فِى أَىِّ يَوْمٍ تُوُفِّىَ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ:) توفي (يَوْمَ الاِثْنَيْنِ) بالنصب أي: في يوم الاثنين (قَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه -: (فَأَىُّ/ يَوْمٍ هَذَا؟) أشار به إلى اليوم الذي كان مريضًا فيه, وكان آخر أيامه, ولم يكن موته فيه كما مر آنفًا.

قالت (قَلتُ: يَوْمُ الاِثْنَيْنِ) برفع اليوم على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي هذا اليوم يوم الاثنين.

(قَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه -: (أَرْجُو) أي: أتوقع وأطمع أن يكون وفاتي (فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ اللَّيْلِ) ويروي: "وبين الليلة" (٤) أي: فيما بين الوقت الذي أنا فيه وبين الليل الذي يأتي، أي: يوم الاثنين


(١) عمدة القاري (٨/ ٢١٩).
(٢) فتح الباري (٣/ ٢٥٣).
(٣) الطبقات الكبرى، ذكر كم مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليوم الذي توفي فيه (٢/ ٢٠٨)، وعمدة القاري (٨/ ٢١٩).
(٤) عمدة القاري (٨/ ٢١٩).