للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثانيًا: واعترض الحنفية والمالكية على الإستدلال بقصة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - , على النجاشي: بأنها ليست تشريعًا للأمة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - , لم يصل على غائب سواه بعد تسليمهم بأن تلك الصلاة كانت صلاة غائب.

قال الزيلعي: "ويدلّ على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على غائب غيره, وقد مات من الصحابة خلق كثير وهم غائبون وسمع بهم فلم يصل عليهم إلا غائبًا واحدًا", وردّ أنّه طويت له الأرض حتى حضره وهو معاوية بن معاوية المزني. . وغائبان آخران هما زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب (١).

وقد أجاب أصحاب قول الأول عن هذه الاعتراضات بما يلي:

١. إن ادعائهم أن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي من خصوصياته عليه الصلاة والسلام غير مسلم؛ لأن الأصل عدم الخصوصية (٢).

قال الإمام الخطابي: "وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مخصوصًا بهذا الفعل, إذ كان في حكم المشاهدين للنجاشي لما روي في بعض الأخبار: أنه قد سويت له أعلام الأرض حتى كان يبصر مكانه, وهذا تأويل فاسد؛ لأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فعل شيئًا من أفعاله الشريفة كان علينا متابعته وأن نتأسّى به, والتخصيص لا يعلم الا بدليل" (٣).

وقال الإمام البغوي: "وزعموا أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان مخصوصًا به, وهذا ضعيف؛ لأنّ الاقتداء به في أفعاله واجب على الكافّة ما لم يقم دليل التخصيص, ولا تجوز دعوى التخصيص هاهنا؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - , لم يصل عليه وحده, وإنما صلّى مع الناس" (٤).


(١) نصب الراية (٢/ ٢٨٣ - ٢٨٤).
(٢) سبل السلام، محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير (المتوفى: ١١٨٢ هـ)،الناشر: دار الحديث، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ (١/ ٤٨٢).
(٣) معالم السنن (١/ ٢٧٠ - ٢٧١).
(٤) شرح السنة (٥/ ٣٤١).