للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: إن حديث النجاشي /لم يكن نعيًا، وإنما كان مجرد إخبار بموته، فسمى نعيًا؛ لشبهه به في كونه إعلامًا، وكذا القول في زيد وجعفر.

[٤١ ب/س]

والجواب: أن الأصل هو الحقيقة؛ على أن حديث النجاشي أصح من حديث حذيفة - رضي الله عنه - وعبد الله - رضي الله عنه -، فإن قيل قال ابن بطال: إنما نعى النبي - صلى الله عليه وسلم - النجاشي وصلى عليه؛ لأنه كان عند بعض الناس على غير الإسلام، فأراد إعلامهم بصحة إسلامه (١)، والجواب أن نعيه - صلى الله عليه وسلم - زيدًا وجعفر وغيرهما - رضي الله عنهم - يرد ذلك.

وفي الحديث أيضًا أنه لا يصلى على الجنازة في المسجد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بموته في المسجد، ثم خرج مع المسلمين إلى المصلى؛ وهذا مذهب أبي حنيفة: أنه لا يُصلَّى على ميت في مسجد جماعة، وبه قال مالك وابن أبي ذئب (٢)، وعند الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور- لا بأس بها إذا لم يخف تلويثه (٣)، واحتجوا بما روى ابن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عنه: "أنه لما توفي أمرت عائشة - رضي الله عنها - بإدخال جنازته المسجد حتى صلى عليها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالت: هل عاب الناس علينا ما فعلنا؟ فقيل لها: نعم، فقالت: ما أسرع ما نسوا، ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة سهيل بن البيضاء إلا في المسجد" رواه مسلم (٤).


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٢٤٣).
(٢) الدر المختار (٢/ ٢٢٧). وشرح فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، دار الفكر، بيروت (٢/ ١٢٨). وبداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد (المتوفى: ٥٩٥ هـ)، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م (١/ ٢٥٧).
(٣) المهذب، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، دار الكتب العلمية (١/ ٢٤٥). ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، دار الكتب العلمية، ط: الأولى، ١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م، (٢/ ٥٠). والمغني، عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد، دار الفكر، ١٤٠٥، بيروت (٢/ ١٨٥).
(٤) صحيح مسلم: كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، (٢/ ٦٦٨)، (٩٧٣).