للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ) بفتح الراء، وتخفيف الواو، وبالحاء المهملة، الخزرجي المدني: أحد النقباء ليلة العقبة، كان أول خارج إلى الغزوات، وآخر قادم (فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتَذْرِفَانِ) بلام التأكيد، يقال: ذرفت عينه: إذا سال منها الدمع، وهو من باب ضرب يضرب (١).

(ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ) القرشي المخزومي، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم غزوة مؤتة سيف من سيوف الله، روى له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية عشر حديثًا، للبخاري منها واحد، كان من المشهورين بالشجاعة والرياسة، وآثاره في إعلاء كلمة الله -تعالى- كثيرة، وهو الذي افتتح دمشق، مات بحمص سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر - رضي الله عنه -، وعنه: "لقد انقطعت في يدي يوم مؤته تسعة أسياف" (٢)

(مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ) -بكسر الهمزة، وسكون الميم، وفتح الراء- أي: من غير تأمير من النبي - صلى الله عليه وسلم - (فَفُتِحَ له) على البناء للمفعول.

[٩٦ أ/س]

[٤٢ ب/ص]

قال الخطابي: لما نظر خالد بعد موتهم إلى كثرة العدو، وشدة بأسهم، وخاف ضياع الأمر، وحصول الفساد، وهلاك من معه من المسلمين، تصدى للإمارة عليهم، وأخذ الراية من غير تأمير، وقاتل إلى أن فتح الله على المسلمين؛ فرضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفعله؛ إذ وافق الحق، وإن لم يكن له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذن، ولا من القوم الذين معه بيعة وتأمير، فصار هذا أصلا في الضرورات، /إذا وقعت في معاظم أمور الدين في أنها لا يُراعى فيها شرائط أحكامها عند عدم الضرورة، كذا في حقوق آحاد أعيان الناس، مثل: أن يموت رجل بفلاة وقد خلف تركة، فإنَّ على من شهده /حفظ ماله، وإيصاله إلى أهله، وإن لم يوص المتوفى بذلك؛ فإن النصيحة واجبة للمسلمين. انتهى (٣).

وحاصله: أنه إذا عظم الأمر، واشتد الخوف سقطت مراعاة الشرائط، وهذا الحديث من إعلام النبوة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بإصابتهم في المدينة وهم بمؤته، وكان كما قال - صلى الله عليه وسلم -.


(١) العين (٨/ ١٨١)، وتاج العروس، باب زرف (٢٣/ ٣١٤).
(٢) تهذيب الكمال (٨/ ١٨٩)، (١٦٥٩).
(٣) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي، تحقيق: محمد بن سعد بن عبدالرحمن آل سعود، ١٤٠٦ هـ (١/ ٣١٩).