للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنّما كان خوف عبد الرحمن وبكاؤه - رضي الله عنه -، وإن كان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة كما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من الإشفاق والخوف من التأخر عن اللّحاق بالدرجات العلى وطول الحساب.

وفي الحديث ما ترجم به المؤلف من أنّ الكفن من جميع المال كما سبق، وهو قول الجمهور، وأختلف فيما إذا كان عليه دين مستغرق، هل يكون كفنه ساتر الجميع بدنه أو للعورة فقط؟ والمرجح هو الأول، ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنّه لا يجزئ ثوب واحد يصف ما تحته من البدن (١).

وفي الحديث ما يدل على جواز التكفين في ثوب واحد عند عدم غيره، والأصل ستر العورة، قال المهلب وابن بطال: وإنّما استحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمزة ومصعب - رضي الله عنهما - التكفين في الثوب الذي ليس بسابغ؛ لأنهما قتلا فيهما قتلا، وفيهما يبعثان أن شاء الله تعالى (٢).

وفي هذا الجزم نظر، بل الظاهر أنّه لم يجد له غيرها، كما هو مقتضي الترجمة (٣).

وفيه: أنّ العالم ينبغي له أن يذكر سيرة الصالحين، وتَقَلُّلِهِمْ من الدنيا؛ ليَقِلَّ رغبته فيها، ويبكي خوفًا من تأخر لحاقه بالأخيار، ويشفق من ذلك.

وفيه: أنّه ينبغي للمرء أن يتذكر نعم الله عنده، ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها، ويتخوف أن يقاص بها في الآخرة ويذهب تنعمه فيها (٤).

ورجال إسناد الحديث الثلاثة مدنيون، وشيخ المؤلف مكي ومن أفراده، وقد أخرج متنه المؤلف في المغازي أيضًا (٥).


(١) التمهيد (٢٢/ ١٤٤).
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٢٦٤).
(٣) فتح الباري (٣/ ١٤٢).
(٤) عمدة القاري (٥/ ٥٩).
(٥) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب: الْكَفَنِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ (٢/ ٧٧)، (١٢٧٤). وكتاب المغازي، باب غزوة أحد (٥/ ٩٥)، (٤٠٤٥).