للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الحديث: جواز التبرك بآثار الصالحين، وجواز إعداد الشيء قبل وقت الحاجة أليه من كفن ونحوه في حال الحياة؛ لأنّ أفضل ما ينظر فيه الرجل في وقت المهل وفسحة الأجل الاعتداد للمعاد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أفضل المؤمنين إيمانًا أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم له استعدادًا" (١).

وقال بعضهم: لا يستحبّ للإنسان أن يعدّ لنفسه كفنًا؛ لئلا يحاسب عليه؛ لكن ذلك ليس مختصًا بالكفن، بل سائر أمواله كذلك، لكن الحق أنّه مندوب وحسن إذا كان من جهة يقطع بحلها أو من أثر أهل الخير والصلاح، إلا أنّه لا يجب تكفينه فيه، كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب وغيره، بل للوارث إبداله؛ لأنّه ينتقل إلى الوارث، فلا يجب عليه ذلك (٢).

[٥٦ ب/ص]

وهل يلحق بذلك حفر القبر في حياته، فقال ابن بطال: قد حفر جماعة من الصالحين قبورهم قبل الموت/ بأيديهم يتوقعوا حلول الموت بهم (٣)، وردّ عليه الزين ابن المنبر: بأنّه لم يقع من أحد من الصحابة - رضي الله عنه -، ولو كان مستحبًا لكثر فيهم (٤).

[١٢٧ أ/ص]

وتعقّبه العيني: بأنّه لا يلزم من عدم وقوعه من الصحابة عدم جوازه؛ لأنّ ما رآه المسلمون حسنًا فهو عندالله حسن، ولا سيما وقد فعله قوم من الصلحاء الأخيار (٥).

وفي الحديث أيضًا حسن خلق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - / وسعة جوده وقبوله الهديّة.

قال المهلب: وفيه: جواز ترك مكافأة الفقير على هديته (٦)، وفيه نظر، فإنّ المكافأة كانت عادة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - مستمرّة، فلا يلزم من السكوت عنها أن لا يكون فعلها على أنّه ليس في سياق الحديث


(١) المستدر على الصحيحين، كتاب الفتن والملاحم (٤/ ٥٨٢) (٨٦٣٢) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) عمدة القاري (٨/ ٦١). وإرشاد الساري (٢/ ٣٩٦).
(٣) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٦٧).
(٤) فتح الباري (٣/ ١٤٤).
(٥) عمدة القاري (٨/ ٦١).
(٦) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٦٧).