للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووجه الكسر: أنها شرطية (١)، والأصل على ما قاله ابن مالك: إن تركت ورثتك أغنياء فهو خير، فحذف الفاء، والمبتدأ كقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، فالوصية على ما خرجه الأخفش، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -، لأُبَيّ بن كعب: " فإنْ جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها" (٢).

وقال ابن الجوزي: سمعناه من رواة الحديث بكسر "إن"، وقال لنا عبد الله بن أحمد النحوي: إنّما هو بفتح الألف ولا يجوز الكسر؛ لأنّه لا جواب له (٣).

وقال القرطبي: روايتنا بفتح الهمز، وقد وهم من كسرها؛ لأنّها إن جعلها شرطًا لا جواب له، ويبقى خبر لا رافع له، وقد مرّ توجيه الكسر آنفا (٤).

(وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً) أي: فقراء، قال ابن التين: العالة جمع عائل، وهو: الفقير، وقيل: العائل كثير العيال، حكاه الكسائي، وليس بمعروف (٥).

(يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) أي: يمدون أكفهم إلى الناس بالسؤال، أو يطلبون الصدقة من أكف الناس، ثم عطف على قوله: "إنك أن تذرهم" وهو علّة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث، كأنّه قيل: لا تفعل؛ لأنّك إن مت فإن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء، وأن عشت تصدقت بما بقى من الثلث وأنفقت على عيالك وأجرت بذلك.


(١) مشارق الأنوار على صحاح الآثار (١/ ٤٢).
(٢) شَوَاهِد التَّوضيح وَالتَّصحيح لمشكلات الجامع الصَّحيح، المؤلف: محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (المتوفى: ٦٧٢ هـ) المحقق: الدكتور طَه مُحسِن، مكتبة ابن تيمية الطبعة: الأولى، ١٤٠٥ هـ (١/ ١٩٢)، والحديث، أخرجه مسلم في صحيح، كتاب اللقطة (٣/ ١٣٥٠)، (١٧٢٣).
(٣) كشف المشكل من حديث الصحيحين، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: ٥٩٧ هـ)، المحقق: علي حسين البواب، دار الوطن - الرياض (١/ ٢٣٢).
(٤) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٥٤٥).
(٥) عمدة القاري (٨/ ٨٩).