للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ) الحاضرون (بُكَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - , بَكَوْا فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (أَلَا تَسْمَعُونَ) لا يقتضي المفعول؛ لأنّه جعل كالفعل اللّازم أي: ألا يوجدون السّماع (١).

وقوله: (إِنَّ اللَّهَ) بكسر الهمزة استئناف, كذا قرره ابن حجر والبرماوي كالكرماني (٢).

وتعقبه العيني بقوله: ما المانع أن يكون "أنّ" بالفتح في محل المفعول, بقوله: تسمعون, وهو الملائم لمعني الكلام (٣) هذا، ولكن إذا ثبت الرواية بالكسر فلا يبقي للتعقّب وجه.

[١٦٧ أ/ص]

والظاهر أنّ هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنّ عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - , كان معهم في هذه ولم يعترض بمثل ما أعترض به هناك, فدلّ على أنّه تقرَّر عنده العلم بأنّ مجرد البكاء بدمع العين من غير زيادة على ذلك لا يضرُّ, لكنّه لما فهم من بعضهم الإنكار بيّن لهم الفرق بين الحالتين, /فقال: "ألا تسمعون أنّ الله" (٤) , (لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ -) إذا قال سوءًا من القول وهجرًا, (أَوْ يَرْحَمُ) بهذا إن قال خيرًا واستلم لقضاء الله تعالى, ويحتمل أن يكون معناه: "أو يرحم", إنْ لم ينفذ الوعيد فيه, ويروى بالنصب فيكون" أو" بمعنى "إلى" أي: يعذب إلى أن يرحمه الله؛ لأنّ المؤمن لا بدّ أن يدخل الجنة آخرًا, وفي رواية "أو يرحم الله", بزيادة لفظ الجلالة (٥).

(وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) بخلاف الحي؛ فإنّه لا يعذب ببكاء الحي عليه, وإنّما يعذب الميت ببكاء الحي عليه إذا تضمن ما لا يجوز شرعًا وكان الميت سببًا فيه على ما تقدم فيما سبق.

(وَكَانَ عُمَرُ) أي: ابن خطاب, (- رضي الله عنه -) وهو عطف على "اشتكى", فيكون موصولًا بالإسناد السابق إلى ابن عمر - رضي الله عنهما - , (يَضْرِبُ فِيهِ) أي: في البكاء بالصفة المنهي عنها بعد الموت


(١) عمدة القاري (٨/ ١٠٤).
(٢) الكواكب الدراري (٧/ ٩٨)، وفتح الباري (٣/ ١٧٥).
(٣) عمدة القاري (٨/ ١٠٤).
(٤) فتح الباري (٣/ ١٧٥).
(٥) إرشاد الساري (٢/ ٤١٥).