للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الندبُ، ويحتمل أن يكون نسخًا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأول أرجح؛ لأن احتمال المجاز أولى من دعوى النسخ. انتهى (١).

وقال الحافظ العسقلاني: والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي في حديث علي - رضي الله عنه - أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا، ثم حدثهم بالحديث، ومن ثمَّ قال بكراهية القيام جمعٌ؛ منهم: سليم الرازي، وغيره من الشافعية. انتهى (٢).

وبالكراهية صرح النووي في الروضة، (٣) لكن قال المتولي بالاستحباب، قال في المجموع: وهو المختار، فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي - رضي الله عنه -، وليس صريحًا في النسخ؛ لاحتمال أن القعود فيه لبيان الجواز. وذكر مثله في شرح مسلم (٤).

وفي رواية للبيهقي "أن عليًّا - رضي الله عنه - رأى ناسًا قيامًا ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط أن اجلسوا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد جلس بعد ما كان يقوم" (٥).

قال [الأوزاعي] (٦): وفيما اختاره نظر؛ لأن الذي فهمه عليٌّ - رضي الله عنه -، التركُ مطلقًا، وهو الظاهر؛ ولهذا أمر بالقعود من رآه قائمًا، واحتج بالحديث. انتهى (٧)

ولذا ذهب إلى النسخ عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود (٨)، وأبو حنيفة، ومالك، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله (٩).


(١) فتح الباري (٣/ ١٨١).
(٢) فتح الباري (٣/ ١٨١).
(٣) روضة الطالبين (٢/ ١١٦).
(٤) المجموع (٥/ ٢٨٠) وشرح النووي على مسلم (٧/ ٢٧).
(٥) السنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب المشي بالجنازة، باب حجة من زعم أن القيام للجنازة منسوخ (٤/ ٤٤) (٦٨٨٨)، من طريق: عبد الرزاق، أخبرني ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود، عن أبيه، عن علي - رضي الله عنه -. وأخرجه مسلم في صحيحه (٢/ ٦٦١) (٩٦٢). من طريق مسعود بن الحكم، حدثني عن علي بن أبي طالب، أنه قال: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قعد»
(٦) الأذرعي، كما جاء في إرشاد الساري (٢/ ٤١٧).
(٧) إرشاد الساري (٢/ ٤١٧).
(٨) رواه عنهم عبد الرزاق في مصنفه (٣/ ٤٦٠ - ٤٦٢) (٦٣١٥ - ٦٣٢٠).
(٩) التمهيد (٢٣/ ٢٦٦)، وتبيين الحقائق (١/ ٢٤٤).