للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِنْ كَانَتْ) أي: الجنازة (صَالِحَةً قَالَتْ) قولًا حقيقيًا لا مجازًا، فإنه تعالى يحدث النطق في الميت إذا شاء، وفي لفظ: "يسمع صوتها" دلالة على ذلك (قَدِّمُونِى) أي: إلى ثواب العمل الصالح الذي عملته. وفي رواية الكشميهني: "قدموني قدموني" مرتين (١).

[١٧٤ أ/ص]

(وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ: يَا وَيْلَهَا) أي: يا حزني احضر فهذا أوانك، /وكان القياس أن يقال: يا ويلي، لكنه أضيف إلى الغائب حملًا على المعنى، كأنه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنها (٢) غيره، أو كره أن يضيف إلى نفسه (٣) (أَيْنَ يَذْهَبُونَ بِهَا؟) قالته لأنها تعلم أنها لم تقدم خيرًا، وأنها تقدم على ما يسوء فتكره القدوم.

(يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَىْءٍ إِلَاّ الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ) وفي رواية: "لصعق" باللام (٤). والصعق: أن يغشي على الإنسان من صوت شديد يسمعه (٥) وربما مات منه.

والظاهر أن ضمير "سمعه" راجع إلى دعائه بالويل على نفسها أي: تصيح بصوت منكر لو سمعه الإنسان لأغشي عليها (٦). وسيجيء تحقيق لذلك بعد باب إن شاء الله تعالى.

قال ابن بطال: وإنما يتكلم روح الجنازة؛ لأن الجسد لا يتكلم بعد خروج الروح منه إلا أن يردها الله إليه (٧). هذا، وذلك بناء منه على أن الكلام شرطه الحياة، وليس كذلك، فإنه يجوز أن يخلق الله تعالى في الميت الحروف والأصوات، والله أعلم.


(١) إرشاد الساري (٢/ ٤١٩).
(٢) [كأنه] في ب
(٣) عمدة القاري (٨/ ١١٢).
(٤) إرشاد الساري (٢/ ٤١٩).
(٥) العين، باب العين والقاف والصاد (١/ ١٢٩).
(٦) [عليه].
(٧) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٩٧).