للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي هذه القصة: دلالة على تميز أبي هريرة في الحفظ، وأن إنكار العلماء بعضهم على بعض قديم، وأن العالم يستغرب ما لم يصل إلى علمه.

وفيه: عدم مبالاة الحافظ بإنكار من لم يحفظ.

وفيه: ما كانت الصحابة عليه من التثبت في الحديث النبوي والتحرز فيه والتنقيب عليه.

وفيه: دلالة على فضيلة ابن عمر - رضي الله عنهما - من حرصه على العلم وتأسفه على ما فاته من العمل الصالح.

وفيه: قوله: "من تبع جنازة" دلالة لمن قال: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها؛ لأن ذلك هو حقيقة الاتباع حسًّا، وقال ابن دقيق العيد: الذين رجحوا المشي أمامها حملوا الاتباع هنا على الاتباع المعنوي (١) أي: المصاحبة، وهو أعم من أن يكون أمامها أو خلفها أو غير ذلك، وهذا مجاز يحتاج إلى أن يكون الدليل الدال على استحباب التقدم راجحًا. انتهى (٢).

وتعقبه العيني: بأن هذا الحكم، واتباع الرجل غيره في اللغة والعرف عبارة عن أن يمشي وراءه، فليس لما قاله وجه من الوجوه (٣).

هذا (٤) وأنت خبير بأنه غدر لابن دقيق العيد، كيف لا؟ وقد اعترف بكونه مجازًا بعيدًا عن الإرادة، فافهم.

(فَرَّطْتُ: ضَيَّعْتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) كذا في جميع الطرق، وفي بعض النسخ: "فرطت من أمر الله" أي: ضيعت وهو أشبه (٥) وقد جرى عادة البخاري أنه يفسر الكلمة الغريبة من الحديث إذا وافقت كلمة القران وهذا إشارة إلى قوله تعالى: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزُّمَر: ٥٦] وفي رواية سالم المذكورة بلفظ "لقد ضيعنا قراريط كثيرة" (٦) والله أعلم.


(١) [المعنى اللغوي] في ب.
(٢) إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٣٧٣).
(٣) عمدة القاري (٨/ ١٢٩).
(٤) [هذا] سقط من ب.
(٥) فتح الباري (٣/ ١٩٦).
(٦) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها (٢/ ٦٥٣) (٩٤٥).