للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرواية الباب يقتضي أنها هي التي منعت من إبرازه، ورواية الضم مبهمة يمكن أن تفسر بهذه، والهاء ضمير الشأن، وكأنها أرادت نفسها ومن وافقها على ذلك، وذلك يقتضي أنهم فعلوه باجتهاد منهم، بخلاف رواية الفتح؛ فإنها تقتضي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمرهم بذلك (١).

(أَنْ يُتَّخَذَ) على البناء للمفعول (مَسْجِدًا) ثم إن هذا قالته عائشة - رضي الله عنها - قبل أن يوسع المسجد؛ ولهذا لما وسع المسجد جعلت الحجرة المطهرة- رزقنا الله تعالى زيارتها مرة بعد كرة- مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلى إلى جهة القبر المقدس مع استقبال القبلة، ثم إن ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - من باب قطع الذريعة لئلا يعبد قبرَه الجهالُ، كما فعلت اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم.

وكره مالك المسجد على القبور، وإذا بني مسجد على مقبرة داثرة ليصلى فيه فلا بأس به. وكره مالك الدفن في المسجد (٢).

وقال الكرماني: مفاد الحديث منع اتخاذ القبر مسجدًا، ومدلول الترجمة منع اتخاذ المسجد على القبر، ومفهومهما متغايران، ويجاب بأنهما متلازمان وإن تغايرا في المفهوم (٣).


(١) عمدة القاري (٨/ ١٣٥).
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٣١٢).
(٣) الكواكب الدراري (٧/ ١١٧).