للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستشهد يومئذ خمسة وستون رجلًا؛ أربعة وأربعون من المهاجرين وسائرهم من الأنصار، وقتل من الكفار اثنان وعشرون رجلًا (١).

وقال ابن كثير: أكثر، فإن حمزة - رضي الله عنه - لم يُقْتَل حتى قَتَل أحدا وثلاثين رجلًا وأبو دجانة وعلي وسهيل بن حنيف والحارث بن الصمة قتلوا كثيرًا, ورمى طلحة وسعد فما سقط لهما سهم إلا أصاب كافرًا, وأنس بن النضر وسعد بن الربيع لم يقتلا حتى قتلا خلقًا كثيرًا فربك أعلم بعدتهم (٢).

وقد كان في قصة أُحُد وما أصيب به المسلمون عبر وحكم ربانية.

منها: سوء عاقبة المخالفة وشؤم ارتكاب النهي لما ترك الرماة موقفهم الذي أمر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن لا يفارقوه.

ومنها: أنَّ عادة الرسل أنْ تبتلى وأنْ تكون لهم العاقبة.

ومنها: أن الله تعالى هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم فقيَّضَ لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها.

ومنها: أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء وساقهم إليها بين يدي الرسول ليكون شهيدًا عليهم.

ومنها: أنه أراد هلاك أعدائه فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك؛ من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه.

[٢٢١ أ/س]

ومنها: أنهم لو انتصروا دائمًا دخل في المسلمين من ليس منهم ولم يتميز الصادق من غيره, ولو انكسروا دائمًا لم يحصل المقصود من البعثة, فاقتضت الحكمة الإلهية الجمع بينهما ليتميز الصادق /من الكاذب؛ فلما وقع ذلك ظهر أهل النفاق فعرف المسلمون أن لهم عدوا في ديارهم فتحرزوا منهم كما قال تعالى {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران ١٦٦: ١٦٧] الأية (٣).


(١) السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٨٤).
(٢) البداية والنهاية (٥/ ٤٤٨).
(٣) فتح الباري (٧/ ٣٤٧).