للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعلى هذا فالمستحب في حال الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر واحد، فلو جمع اثنان في قبر، واتحد الجنس: كرجلين وامرأتين، كره عند الماوردي، وحرم عند السرخسي (١)، ونقله عنه النووي في شرح المهذب مقتصرًا عليه (٢).

قال السبكي: لكن الأصح الكراهة، أو نفي الاستحباب، أما التحريم فلا دليل عليه. انتهى (٣).

وأما إذا لم يتحد الجنس: كرجل وامرأة، وإن دعت ضرورة شديدة لذلك جاز، وإلا فيحرم، كما في الحياة. ومحل ذلك إذا لم يكن بينهما محرمية، أو زوجية، وإلا فيجوز الجمع. صرح به ابن الصباغ، وغيره، كما قاله ابن يونس، ويحجز بين الميتين مطلقًا بتراب، ندبًا، والقياس أن الصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم؛ بل أولى وأن الخنثى مع الخنثى، أو غيره كالأنثى مع الذكر مطلقًا (٤).

وقال مالك وأبو حنيفة: لا بأس أن يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد (٥). لكن يجعل بينهما حائل من تراب ولا سيما إذا كانا أجنبيين لما روى عبدالرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه" (٦) وكأنه كان يجعل بينهما حائلًا من تراب. الله أعلم بالصواب.


(١) المبسوط (٢/ ٦٥).
(٢) المجموع (٥/ ٢٨٤).
(٣) إرشاد الساري (٢/ ٤٤١) وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (١/ ٣٣٠).
(٤) أسنى المطالب في شرح روض الطالب (١/ ٣٣٠).
(٥) تحفة الفقهاء (١/ ٢٥٦)، والكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٢٨٢)، والمجموع (٥/ ٢٨٤)، المغني (٢/ ٤٢٠).
(٦) المصنف عبد الرزاق، كتاب الجنائز، باب دفن الرجل والمرأة (٣/ ٤٧٤) (٦٣٧٨).