للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأغلب- خلقة وطبعًا وبنية, ليس فيها إيمان ولا كفر ولا معرفة ولا إنكار, ثم يعتقدون الإيمان وغيره إذا ميزوا واحتجوا بقوله في الحديث: "كما تنتج البهيمة" الحديث.

[٢٤٢ أ/ص]

فالأطفال في حين الولادة كالبهائم السليمة, فإذا بلغوا استهوتهم الشياطين فكفر أكثرهم إلا مَنْ عصمه الله تعالى, ولو فطروا على الإيمان والكفر في أول أمرهم لما انتقلوا عنه أبدًا؛ فقد تجدهم يؤمنون ثم يكفرون ثم يؤمنون, ويستحيل / أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل شيئًا؛ لأن الله تعالى أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئًا, فاستحال منه إيمان أو كفر أو معرفة أو إنكار, وقال أبو عمر: هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة هنا. والله تعالى أعلم (١).

وقال قوم: إما قال: كل مولود يولد على الفطرة قبل أن تنزل الفرائض؛ لأنه لو كان يولد على الفطرة ثم مات أبواه قبل أن يهوداه أو ينصراه لما كان يرثهما ويرثانه فلما نزلت الفرائض علم أنه يولد على دينهما (٢).

وقال قوم: الفطرة هنا الإسلام؛ لأن السلف أجمعوا في قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] أنها دين الإسلام.

واحتجوا بحديث عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قال الله تبارك (٣) تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء (٤) _ على استقامة وسلامة_" والحنيف في كلام العرب: المستقيم السالم (٥).

وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس من الفطرة" فذكر قص الشارب والاختتان, وذلك من سنن الإسلام, وإليه ذهب أبو هريرة - رضي الله عنه - والزهري (٦).

وقال أبو عمر: يستحيل أن يكون الفطرة المذكورة فيه الإسلام؛ لأن الإسلام والإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح وهذا معدوم في الطفل (٧).


(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٨/ ٧٠)
(٢) غريب الحديث لابن سلام (٢/ ٢١).
(٣) تبارك سقط من ب
(٤) صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (٤/ ٢١٩٧) (٢٨٦٥) بلفظ" وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم".
(٥) تهذيب اللغة [أبواب الحاء والنون] (٥/ ٧١).
(٦) التوضيح (١٠/ ١٠٦).
(٧) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٨/ ٧٠).