للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: هل ينفع الثناء على الميت وإن خالف الواقع, أو لا بُد أن يكون الثناء عليه موافقًا للواقع؟

فالجواب ما قاله الشيخ زين الدين: أن فيه قولين للعلماء أصحهما أن ذلك ينفعه، وإن لم يطابق الواقع لأنه لو كان لا ينفعه إلا بالموافقة لم يكن للثناء فائدة، وقد تقدم أيضًا (١).

ويؤيد هذا ما رواه ابن عدي في الكامل من رواية فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر، - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن العبد ليرزق الثناء والستر والحب من الناس حتى يقول الحفظة: ربنا إنك تعلم غير ما يقولون فيقول: أشهدكم أني قد غفرت له ما لا يعلمون، وقبلت شهادتهم على ما يقولون" (٢).

فإن قيل: هل يشترط في هذه الشهادة العدالة كما في سائر الشهادات؟ أو يكفي في ذلك شهادة المسلمين وإن لم يكونوا بوصف العدالة المشترطة في الشهادة؟

فالجواب: أن الظاهر هو الأول بدليل حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - الذي ذكر آنفًا (٣)؛ لأنه قال فيه: "فقام رجلان ذوا عدل"، وعلى الثاني يدل ظاهر حديث الباب، ومع هذا الأصل في الشهادة العدالة، والله أعلم (٤).

ورواة هذا الحديث كلهم بصريون إلا أن داود مروزي تحول إلى البصرة وهو من أفراد المؤلف، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي.

وأخرج متنه المؤلف في الشهادات أيضًا, وأخرجه الترمذي في الجنائز, وكذا النسائي (٥).


(١) عمدة القاري (٨/ ١٩٧).
(٢) أخرجه الذهبي في لسان الميزان (٤/ ٤٣١) (١٣١٤)، وقال ابن عدي في "الكامل" (٧/ ١٣٦) (١٥٧٠)، ولفرات بن السائب غير ما ذكرت من الحديث خاصة أحاديثه عن ميمون بن مهران مناكير.
(٣) المعجم الكبير (١٩/ ١٥٦) (٣٤٤).
(٤) عمدة القاري (٨/ ١٩٧).
(٥) صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب تعديل كم يجوز؟ (٣/ ١٦٩) (٢٦٤٢) * سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الثناء الحسن على الميت (٣/ ٣٦٤) (١٠٥٩). *السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، باب الثناء (٤/ ٥٠) (١٩٣٤).