للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الرغبة والهَجر، ونُسِّيت تدلُّ على أَنَّهُ ليس باختيارِه، لكنَّه قد قُدِّر عليه هَذَا الهَجْر.

الهجر الثَّاني: هجر العمل به، يعني أن الإنْسَان يتلوه ولم يقصِّر في تلاوته، لكنَّه لا يعمل به.

ويمكن أن يتولَّد قسم ثالث: القسم الثالث: هَجْرٌ لفظيٌّ وعمليٌّ، يعني أَنَّهُ لا يَقْرَؤه ولا يعمل به.

فإذَنِ الأقسامُ ثلاثةٌ: هجر لفظيّ، وهو هجر تلاوتِه، وهجرٌ عمليّ، وهو هجر العمل به، وهجر لفظيّ عمليّ، وأيُّهم أشدُّ؟ اللفظيّ العمليّ، يليه الهجر العمليّ، والثالث اللفظيّ، وكل منها محرَّم، حتى الهجر اللفظيّ، فإذا ترك الإنْسَان تلاوتَه رغبةً عنه وزُهدًا به فَإِنَّهُ لا يجوز، نعم لو ترك تلاوتَه تشاغلًا بأمورٍ لا بد منها فهذا لا بأسَ به، فالهجر اللفظيّ موجودٌ في المؤمنينَ، ولكن لا يوجد الهجر المطلَق بالنسبة للمؤمنِ، يعني لا يمكن للإنْسَانِ أن يتركَ تلاوتَه تركًا مطلَقًا؛ لِأَنَّ عنده الصلاة، وقد فُرض عليه أن يقرأَ فيها سورة الفاتحة، فالهجر المطلَق لا يمكِن للمؤمنِ أبدًا؛ لِأَنَّ أهمَّ شَيْءٍ قِراءة الفاتحةِ في الصلاةِ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما حُكْم هَجْر المصحَفِ، وذلك بأن يَكُونَ عنده عِدَّة نُسخ من القُرْآنِ في البيتِ، ويقرأ في وَاحِدةٍ فقطْ؟

ليس بحرامٍ، ولا يوجد مانعٌ، لكنَّه مع الحاجة لا يجوز للإنْسَانِ أنْ يَحتكِرَها والنَّاس محتاجون إليها، أمَّا الآن فلا توجد حاجة، والتحذير الَّذِي كان يوجد في كَلام بعضِ أهلِ العلمِ لمَّا كانت المصاحف قليلةً، حيث يَكُون الإنْسَان ليس عنده إلا نسخة ويحجزها لنفسِه ولا يَنتفِع بها ولا ينتفع بها غيرُه.

<<  <   >  >>