الحديثِ، أمَّا هود فمعروف عند المؤرِّخين أَنَّهُمْ عَرَب عاربةٌ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل أحدٌ تَعَرَّض لتعريبِ أَسْماءِ الأنبياءِ، أي معرفة معناها؟
فالجواب: من المعروف أنَّ الأعلامَ قد تكونُ أَسْماء جامدةً، ليس لها اشتقاقٌ، لكنْ فيما يبدو لي -واللَّه أعلم- أن أَسْماء الأنبياء في الغالبِ لها معانٍ، لكِن لا أعرِفُ عنها شيئًا.
قوله:{وَأَصْحَابُ الرَّسِّ} الرَّسُّ اسْم للبئر؛ إمَّا للبئر مطلقًا، أو لبئر غير مَطْوِيَّة، ولم يبيِّنِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنْ أصحابُ الرسِّ، ولذلك اختلفَ المفسِّرون فيهم اختلافًا كثيرًا، فقيل: إنهم -كما يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ- قومُ شُعَيْب، ولكنَّ هَذَا ليسَ بصحيحٍ، وقيل: إنهم من قومِ ثَمود، ولَيْسُوا قومَ ثمود، وعلى هَذَا فيَكُونُ عَطْفُهم على ثمودَ من بابِ عَطْف البعضِ على الكلِّ، ولَيْسُوا هم ثمود أصحاب البئر، يعني بئر الناقة؛ لِأَنَّهُ معروفٌ أَنَّهُمْ ثمود مستقِلُّون، وهلاكهم معروف، وجوابهم لرسولهم معروف، فالأَصْل في العطف التغايُر.
وقيل: إنَّ أصحابَ الرَّسِّ -ورجَّحه ابنُ جَرِير (١) - هم أصحابُ الأُخدود الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى في سورة البُرُوج، ولكن الأَولى التوقُّف في تَعْيِينهم؛ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يُعَيِّنْهُم، ولكننا نَعْلَم أن هَؤُلَاءِ القوم كانوا معلومينَ للعربِ حين نُزُولِ القُرْآنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تعالى لم يَكُنْ لِيَضْرِبَ لهم المَثَلَ بقومٍ لا يَعرِفون ما جَرَى عليهم، الآن نحن نَتَكَلَّم عن تعيينهم بأشخاصهم، أو بقبائلهم، نقول: الأَولى التوقُّف.
لكنْ لماذا سُمُّوا أصحابَ الرَّسِّ؟
(١) جامع البيان في تأويل القرآن (١٩/ ٢٧٠)، ط. الرِّسَالة.