للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إنهم رَسُّوا نبيَّهم، يعني دفنوه في هَذِهِ الرسِّ، يعني في البئر، فسُمُّوا بأصحاب الرسِّ من باب إضافة الشَيْءِ إلى العملِ الشَّنيع المنكَر.

وقيل: إنهم كانوا حولَ هَذِهِ البئرِ، وإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَسَفَ بهم وببئرهم، فانهارت البئرُ بمَن حولها، فذهبوا عن آخِرِهِم. وكيفيَّة العقوبة الَّتِي جرتْ عليهم أو كيفية العمل الَّذِي عمِلوه فأُهلِكوا به على الأوَّل تكونُ الإضافة إشارة إلى الفعلة القبيحة الَّتِي فعلوها، فكانت سَبَبًا في إهلاكهم، وعلى الثَّاني تكون إشارة إلى نوع العقوبة الَّتِي عُوقِبوا بها، فتكون من باب الإضافة إلى العقوبةِ.

نقرأ كَلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَصْحَابُ الرَّسِّ} اسْم بئرٍ، ونبيُّهم قيل: شُعيب، وقيل: غيرُه، كانوا قعودًا حولَها فانهارتْ بهم وبمنازلهم]، المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ اقتصرَ على ذكر كيفيَّة إهلاكهم، فهم أُضيفوا إلى البئرِ؛ لِأَنَّ إهلاكَهم كان بما حولها، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَقُرُونًا} أقوامًا {بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} أي بينَ عادٍ وأصحابِ الرَّسِّ]، هَذَا ما ذهب إليه المُفَسِّر، ويَحتمِل أنَّ الإشارةَ تعودُ إلى ما سبقَ من قومِ نوحٍ، يعني من قوم نوح إلى أصحاب الرسِّ قرون كثيرة أَهلَكهم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَقُرُونًا} أقوامًا] كأنه يقول رَحِمَهُ اللَّهُ: إن المرادَ بالقرنِ الجِيل، والقوم والأُمَّة الَّتِي كانت في عصرٍ وَاحِدٍ، وهذا أحد الأقوالِ في القرن؛ أن المراد به الأُمة والطائفة الَّذِينَ كانوا في عصر وَاحِدٍ، وعلى طَريقٍ وَاحِدةٍ، واستدلوا بقول النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" (١).


(١) أخرجه البخاري: كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، رقم (٢٦٥٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رقم (٢٥٣٣).

<<  <   >  >>