للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِي عَمَلُه صالحٌ ومبنيّ على عقيدةٍ صحيحةٍ، فلا يمكن، لَكِنَّهُ على خَطَرٍ؛ لِأَنَّهُ يَخشَى أن يَكُونَ عَمَلُه مبنيًّا على سَريرةٍ باطلةٍ، نحن نقول: لا يمكن أن يضلَّ؛ لِأَنَّ اللَّه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إِبْراهِيم: ٢٧]، إِنَّمَا يَكُون الإضلال عند المَوْتِ، بناءً عَلَى أَنَّ الإنْسَان في عِبادته غير مستقيمٍ، كما جاء في الحديث الصحيح: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لمِنْ أَهْلِ النَّارِ" (١).

فلا بدَّ أن تكون السَّريرة باطلةً؛ لأننا نعلمُ أن الإنْسَانَ لو بَنَى عملَه على عقيدةٍ سليمةٍ، سواء بإخلاصٍ، أو بغير إخلاصٍ، فلا يمكِن أن يَخْذُلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ المؤمنَ أبدًا، المؤمنَ حقيقةً، وهذا هو ما كنَّا ندعو إليه دائمًا؛ أن نحرِص على عملِ القلبِ، أمَّا الأعمال الظاهرة -عَمَل الجوارِح- فهي بمنزلةِ السُّور للبُستان تَحميه وتُحيطه، وَأَمَّا العملُ الأساسيُّ فَهُوَ عملُ القلبِ، فلا بدَّ أنْ نَحْرِصَ دائمًا على أن يَكُونَ الإنْسَانُ مطهِّرًا لقلبه، ومُصْلِحا لقلبِه، هَذَا أهمُّ شَيْءٍ، والأعمال الظاهرة هي في الحقيقةِ رسوم مصلحة، ومُنْمِية، مثل السَّقي للبستانِ، والرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- شبَّه أعظمَ العباداتِ الظاهرةِ، وهي الصلاةُ، بالنهرِ الَّذِي يطهِّر الإنْسَان من أوساخِه (٢)، فهَذِهِ صقالات للقلب، ومادة يَنتفع بها القلب، إِنَّمَا الأَصْل هو القلبُ، ولهذا يَجِب علينا دائمًا أن ننظرَ إلى قلوبنا، أحيانًا يَكُون في القلب سَريرة الحسد مثلًا، وسريرة الحسد


(١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، رقم (٤٢٠٧)، ومسلم: كتاب الإيمان, باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، وأن من قتل نفسه بشَيْء عُذب به في النار، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، رقم (١١٢).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة، رقم (٥٢٨)، ومسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا، وترفع به الدرجات، رقم (٦٦٧).

<<  <   >  >>