للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استيلاءً يَلِيق بِهِ، وإنما يَكُون مثل هذَا التعبيرِ فيما إذا جُعل الاستواءُ صفةً، ليستْ صِفَة ملك، بل صِفَة فعل، فيقول: [استواء يليق بِهِ]، لكِن مع هذَا لَيْسَ هذَا التفسيرُ بكاملٍ، وكان عليه أن يقولَ: عَلَا عَلَى وجهٍ يَليق به.

وَلَوْ قِيلَ: إن المُفَسِّر يجمع بَيْنَ الرأيينِ؟

نقول: لا، لو أرادَ استوى بمعنى استولَى لصرَّحَ بِهِ، مثلما قَالَ فِي قوله تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢]، فسَّرَها بقولِه: جاءَ أمرُ رَبِّكَ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يُؤَوِّلُ آياتِ العُلُوّ، فكيف نُوَجِّه قولَه: [استواء يليق به]؟

على كلِّ حالٍ كَلامه هنا لا يدلُّ لا عَلَى إثباتٍ ولا عَلَى نفيٍ، لكِن فيما أَعتقِدُ أنَّهُ يدل عَلَى التفسيرِ، بمعنى العلوِّ؛ لِأَنَّ الاستيلاءَ لا يُقال: إِنَّهُ استيلاء يَلِيق بِهِ، لا يُتَصَوَّر هذَا، لو أراد استولَى لقالَ: استوى بمعنى استولَى، مثل قولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢]، فقد فسَّره بقولِه: جاء أمرُ ربِّك، لكِن معَ ذلك ما فسَّرها كما يَنْبَغِي، وكان الَّذِي يَنبغي أن يقولَ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} عَلَا عليه علوًّا يَلِيق بِهِ، وأنا تَتَبَّعْتُ الَّتِي قبلها فِي مواضعَ وجدتُه يقول هذَا، فأقول: إني استغربتُ هذَا، معَ أنَّهُ هو لا يُقِرُّ بالعلوِّ الذَّاتيِّ، وهذا من الغرائبِ، يَعْنِي تعتبر طَريقة متناقضةً بالنسبةِ للمؤلِّف.

عَلَى كلِّ حال قوله: [استواء يليق به] معناه صحيحٌ، لكِن يحتاج إِلَى تكميلٍ، وهو أن يصرِّح ويوضِّح معنى الاستواء، {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} علا عليه عَلَى وجهٍ يَليق به.

فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: أليسَ اللَّهُ عاليًا عَلَى جميعِ المخلوقاتِ؟

<<  <   >  >>