للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {بُرُوجًا} جمع بُرْج، والبرج فِي الأَصْلِ البناءُ العالي المرتفِع، وهَذِهِ البروجُ الشاملةُ للنجومِ لِعُلُوِّها هي فِي الحقيقةِ مثل الأبنيَةِ الشامِخَةِ العاليةِ، يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ [اثْنَي عَشَرَ]، هَذِهِ بَدَلٌ من {بُرُوجًا}، يقول: [اثني عشر: الحَمَل، والثَّور، والجَوْزاء، والسَّرَطَان، والأَسَد، والسُّنْبُلة، والميزَان، والعَقْرَب، والقَوْس، والجَدْي، والدَّلْو، والحُوت] اثنا عشر برجًا، بدأ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ بالحمل لِأَنَّهُ وقتُ اعتدالِ الزمانِ الربيعيّ؛ لِأَنَّهُ إذا حلَّتِ الشَّمْسُ أوَّل يومٍ من بُرج الحَمَل تَساوَى الليلُ والنهارُ ربيعًا عند ابتداءِ برج الحمل، يَعْنِي يَكُون الليل اثنتَي عشْرةَ ساعةً، ويَكُون النهار اثنتَي عشْرةَ ساعةً.

هناك ثلاثةُ بُرُوج -الحمَل والثَّور والجوزاء- إذا تَمَّت الجوزاءُ وبدأَ السرطانُ انتهى الليلُ فِي القِصَرِ، والنهار فِي الطُّول، يَعْنِي أن الشَّمْس تَنتهي إِلَى البُروج الشماليَّة بعد هَذِهِ الثَّلاثَة: الحمل والثور والجوزاء، ثم بعد ذلكَ تَنصرِف الشَّمْس إِلَى الجنوبِ: السَّرَطَان والأسد والسُّنبلة، هَذِهِ الثَّلاثَة إذا مضت تَساوَى الليل والنهارُ خريفًا بعد انتهاءِ طُولِ النهارِ. والميزان والعقرب والقوس هَذِهِ الثَّلاثَة إذا انْتَهَتْ يَنْتَهِي طُولُ الليلِ وقِصَر النهار، ثم تعود الشَّمْسُ فِي الجَدْي والدَّلْو والحُوت، إذا انتهى الحوت تَساوَى الليلُ والنهارُ ربيعًا.

وقدْ اختلف النَّاسُ هل يُبْدَأ بالحَمَل لِأَنَّهُ أحسنُ أيامِ السنةِ، حيث إن فِيهِ الاعتدالَ الربيعيَّ، أو يُبْدَأ بالميزان؛ لِأَنَّهُ هو وقتُ اعتدالِ الزمانِ الخريفيِّ المعروف والمشهور. والأَكْثَرُ الَّذِي مَشَى عليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئ بما فِيهِ الاعتدالُ الربيعيُّ، لكِن بعض النَّاس يَبتدِئ بالطرفِ الثَّاني ويزعُم أن هَذِهِ هي طَريقةُ العربِ، واللَّه أَعْلَمُ، لكِن الَّذِي أَرَى أنَّ التقاويمَ أَكْثَرُها يبدأ بِهَذَا، ويَقُولُونَ: إن العرب يَبْتَدِئون

<<  <   >  >>