للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والْقَمَر نوره مكتسَب مِنَ الشَّمْس، فليسَ بنفسِه سِراجًا، وإنَّما هو مُنيرٌ أو نورٌ، لَكِنَّ نورَه مكتسَب.

وعلى قراءةٍ (سُرُج) يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [يعني نيِّرات] ومنها الْقَمَر نيِّر، لكِن خصَّه لنوع فضيلةٍ، لكِن أقول: إن كَلامَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ نَظَرٌ، فعطفُ الْقَمَرِ المنيِّر عَلَى السُّرُج من بابِ عَطْفِ المُتَغَايِرَيْنِ، لا من بابِ عطفِ الخاصّ عَلَى العامّ، فالْقَمَرُ لَيْسَ من السُرُج، {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: ١٦]، فالشَّمْسُ بلَا شَكٍّ سراجٌ، ولَكِن الْقَمَر نُور، فعليه لا يَكُونُ منها، ولا يحتاج إِلَى الجوابِ الَّذِي ذكر المُفَسِّر: خصَّ الْقَمَر لنوع فضيلةٍ، بل نقول: إن هَذَا لَيْسَ من بابِ التخصيصِ، ولَكِن من بابِ عطفِ المُتَغايِرَيْنِ، لكِن قراءة الجمع (وَجَعَلَ فِيهَا سُرُجًا) تدلّ عَلَى أنَّ غير الشَّمْسِ من الكواكبِ فِيهِ حرارة وفيه إضاءة أَيْضًا، لَكِنها لا تصل إِلَى الْأَرْض لِلْبُعد، ولَكِن هَذِهِ الآية تدلّ عَلَى أنَّ فِيهَا الحرارة والإضاءة. وإنَّما ذكر السُّرُج والْقَمَر المنيِّر مع البروج لِأَنَّ البروج منازلُ، وهَذِهِ الأشياء نازلةٌ، فذكر المنازل والنازِل جميعًا، وكلاهما مما يدلّ عَلَى آياتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى العظيمة الَّتِي لا يُمْكِن أنْ يُقابِلَها أيُّ أحدٍ.

* * *

<<  <   >  >>