للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى هَذِهِ النعمةِ، وليس هَذَا المجالُ أو هَذَا المكانُ بمحيطٍ لمِا يَتَصَوَّرُه الْإِنْسَان من نعمةِ اللَّهِ تَعَالَى عليه بِهَذَا الليلِ والنهارِ، فالْإِنْسَان أحيانًا يُفتح عليه عند التأمُّل والتفكُّر ما يَتبَيَّن بِهِ نعمةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أكْثَر مما نقول وممَّا نستطيع أن نقولَ، ولو أن الْإِنْسَانَ سَهِرَ ليلةً مِنَ الليالي لَتبَيَّنَ له نعمةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى النَّاسِ بِهَذَا الليلِ وهذا النهارِ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قولُه: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: ٨٨ - ٨٩] السؤال بـ (مَنْ) الجواب: للَّه؟

هَذِهِ فِيهَا قراءتانِ؛ هَذِهِ القراءة الَّتِي ذُكرت فِي السؤالِ، وَهِيَ الَّتِي فِي المصحف، وقراءة ثانيةٌ سَبْعِيَّة: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}؛ {قُلْ مَنْ بِيَدِه مَلَكوتُ كُلُّ شَيْءٍ} {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}، أَمَّا الأُولى {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ} [المؤمنون: ٨٤]، {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: ٨٥]، يَعْنِي الأولى {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}؛ لِأَنَّ السؤال {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا}، الثَّانية {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ} [المؤمنون: ٨٦] فِيهَا قراءتان: الجواب {فَسَيَقُولُونَ لِلَّهِ}، وقراءة ثانية سبعيَّة {فَسَيَقُولُونَ لِلَّهِ}، والثالثة أَيْضًا {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} الجواب: {فَسَيَقُولُونَ لِلَّهِ} أو {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} (١)، أَمَّا {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} فلا إشكال فِيهَا، لكِن عَلَى قراءة {للَّهِ} يَكُون المعنى: سَيَقُولُونَ: ذلك للَّه، أي الربوبيَّة العظيمة الَّتِي هي رُبُوبية السَّمواتِ وألْأَرْضِ للَّه، أمَّا عَلَى قراءة {اللَّهُ} فالمعنى: سيَقُولُونَ: هو اللَّهُ.

* * *


(١) المبسوط في القراءات العشر (ص ٣١٣).

<<  <   >  >>