لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل الوِتْرُ يُصَلَّى عَلَى صِفتِه إذا كَانَ قضاءً؟
الصحيحُ أَنَّهُ لا يَقضيه عَلَى صفتِه، وأنه يشفعه؛ لِأَنَّ هَذَا حديثٌ ثابتٌ فِي مسلمٍ، وهل يُسَمَّى وِترًا؟ نقولُ: يُسمَّى قضاءً، لكِن أصل الوتر "اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاِتكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا"(١)، فصلاة الليلِ انتهتِ الآنَ، فلا فائدةَ من الوترِ، لكِن ما كَانَ الْإِنْسَانُ يَتَعَبَّد بِهِ لربِّه يحبُ ألَّا يَفُوتَه، وهذا ما ترَكَه عمدًا، بلْ تَرَكَه نسيانًا، وترك قَضَاءَه، وهو أهونُ من فعله، ولَكِن مع هَذَا نقولُ: لا يَنبغِي لِلإنْسَانِ إذا كَانَ عادته أَنَّهُ يوتر بثلاث يصلي أربعًا، ولْيَتَذَكَّرِ الْإِنْسَانُ عندَما تقولُ لَهُ نفسُه: لا تَفْعَلْ هَذِهِ الطاعةَ أَنَّهُ سيحتاجُ إليها حاجةً عظيمةً.
وأمَّا قوله:{أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} فـ (أَوْ) هنا هل هي للتقسيمِ والتنويعِ، بمعنَى أنْ يَجْعَلَ هَذَا قَسيمًا للأوَّلِ، فتكون مانعة اجتماع أو هي مانعةُ خلوّ؟ .
الجواب: مانعة خلوّ؛ لأنَّ مانعةَ الاجتماعِ معناها أَنَّهُ إذا وُجِدَ الأوَّلُ امتنعَ الثَّاني، لكِن مانعة الخلوِّ معناها إمَّا أن يوجدَ هَذَا أو هَذَا، أو هما {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} فهل يمكن أنْ يَجتمعِا؟ نعم إذَنْ هي مانعةُ خلوٍّ.
قوله:{أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} يَعْنِي أن مَن أرادَ أنْ يَشْكُرَ نعمةَ ربِّه عليه فِي هَذَا النهارِ والليلِ فَإِنَّهُ له المجالُ، ولَا شَكَّ أن مَن تَذَكَّرَ نعمةَ اللَّهِ فِي هَذَا الليلِ والنهارِ لا بدَّ أنْ يَشْكُرَ اللَّهَ، ففي الليلِ سكونٌ وهدوءٌ، وكلٌّ راقِدٌ، وكلٌّ ساكنٌ، فيَطِيبُ النومُ، ويَلَذُّ، وتَحْصُل الراحةُ الكاملةُ، هَذِهِ نعمةٌ عظيمةٌ، وِفي النهارِ الأمرُ بالعكسِ، فَفِي الْإِنْسَانِ نشاطٌ وقوَّةٌ ورَغْبَةٌ فِي الكَسْبِ والعملِ، فيَزداد بذلك شكرًا للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(١) أخرجه البخاري: أَبواب الوتر، باب ليجعل آخر صلاته وترا، رقم (٩٩٨)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، رقم (٧٥١).