للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المهمُّ أننا نتكلمُ عَلَى حالةٍ لا يُذَمّ فاعِلُها.

قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} كَلِمة فِعَال دائمًا تأتي بمعنى مَفْعُولٍ، مثل بِناء بمعنى مَبْنِيّ، وغِرَاس بمعنى مَغْرُوس، وفِراش بمعنى مفروشٍ، فإِنَّه بمعنى مَأْلُوه، والمألوهُ هو المعبودُ المتقرَّب إليه بالعِبَادَةِ، وعلى هَذَا فأصنامُ المشركينَ تُعتبر آلهةً باعتبارِ فِعْلِهم، أمَّا باعتبارِ الحقيقةِ فإنها ليستْ آلهةً فِي الحقيقةِ؛ لأنَّ الأُلُوهِيَّة حقًّا للَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} قتلها إِلَّا بِالْحَقِّ]، المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يقول: إن المَفْعُولَ محذوفٌ تقديره (قتلها)، ويمكن أن نجعلَ المَفْعُول المحذوف ضميرًا فقطْ، فيَكُون صِلَة الموصول حُذف منه العائدُ، أي: الَّتِي حَرَّمها اللَّهُ، والمراد بتَحْرِيمِها تحريمُ قَتلِها وأَذِيَّتها، والنفس الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أربعةُ أنفُسٍ؛ المُسلِمُ، والذِّمِّيِّ، والمعاهَد، والمستأمَن، هَذِهِ هي الأنفسُ الَّتِي حرَّم اللَّهُ، فهَذِهِ الأربعة أنفس محرَّمَةٌ.

ثمَّ إنَّ المسلمَ أَيْضًا قد يُبيحُ اللَّهُ قتلَه معَ إسلامِهِ؛ كالزاني المحصن، والقاتِل عَمدًا، فإن قتلَه مُباح، معَ أَنَّهُ مسلِم، لَكِنَّنا نقولُ: إن قتلَ المسلِمِ بهَذه الأَسْبابِ طارئٌ، وإلَّا فوَصْف الإسلامِ مُحَرِّم لِقَتْلِه.

والذِّمِّي هو مَن عُقد معَه عَهْدٌ عَلَى بَذْلِ الجِزْيَةِ والحماية. والمعاهَد مَن وَقَعَ بيننا وبينه عها بعدمِ القتالِ مُدَّةً معيَّنةً، أو غيرَ معينةٍ، بدون حمايةٍ وبدونِ جِزيةٍ.

والمستأمَن مَن دخلَ ديارَ المسلمينَ مِنَ الكفارِ بأمانٍ منهم، هَذَا هو أضعفُهم؛ لِأَنَّهُ عبارة عن تأمينٍ بدونِ عقدٍ، ولهذا يَصِحُّ من كلِّ إنْسَانٍ، فكل إنْسَانٍ يَصِحُّ

<<  <   >  >>