للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله فِي سُورَةِ طه: {فَلَا يَصُدُّنَّكَ} [طه: ١٦] وَفي سورة القَصَص {وَلَا يَصُدُّنَّكَ} [القصص: ٨٧] ما الفرقُ بَيْنَهُما؟

نقول: آيةُ طه قوله تَعَالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (١٥) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا} {مَنْ} هَذَا الفاعل {مَنْ لَا يُؤْمِنُ}، إذَن هل الفعلُ مُفْرَد أو مجموعٌ؟ مفردٌ، وإذا كَانَ مفردًا يُبنى عَلَى الفتحِ لاتصالِهِ بنونِ التوكيدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بينه وبين التوكيدِ شَيْءٌ، وَأَمَّا قوله: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ} الَّتِي قبلَها {فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (٨٦) وَلَا يَصُدُّنَّكَ} يَعْنِي المجرمين، فَهُوَ عائد إِلَى جمعٍ، فيَكُون الفعل الآنَ غيرَ مباشرٍ لنونِ التوكيدِ، أصله يصدوننك، فحذفت النون للجازمِ، وبقِيت عندنا (الواو) ساكنة والنون المشدَّدة ساكن أَوَّلها، فحذفت الواو لالتقاء الساكنينِ، ثم بَقِيَت الدال عَلَى ما هي عليه.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَلْزَمُ التائبَ مِنَ الزِّنا أنْ يَطْلُبَ إقامةَ الحدِّ عَلَى نفسِهِ مثلما فعلَ ماعزٌ والغَامِدِيَّة؟

نقول: لا يَلْزَمُ، بلِ الأَوْلَى أنْ يَسْتُرَ عَلَى نفسِهِ، وفِعْلُ هَؤُلَاءِ اجتهادٌ مِنهم، ولا مانعَ منه، والرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لاحِظ أَنَّهُ يراعي أشياءَ يَفْعَلُها الْإِنْسَان اجتهادًا ولا يُنْكِر عليه إذا كانتْ غيرَ مخالفةٍ للشرعِ، مثل الصدقة عن الميِّت، والحجّ عن الميتِ، وَمَا أَشْبَهَ ذلكَ مِمَّا لم يَأْمُرْ بِهِ الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فهَذَا جائزٌ وليس من المشروعِ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إذا كَانَ الذنبُ مثلًا غِيبَةً لأحدٍ، هل يَلْزَمُ أنْ نَطْرُق عليه بابَه ونقول له: واللَّهِ يا أخي قدِ اغتبناكَ ونريدُ أنْ نَسْتَحِلَّكَ؟ وإذا كَانَ مالًا: افرض أَنَّهُ مال، أخذ من إنْسَانٍ مالًا وتاب إِلَى اللَّهِ، هل يَلْزَمُ أنْ يَذْهَبَ ويقول: هَذَا مالك؟ يَلْزَمُه؛ لِأَنَّ من تمامِ التوبةِ أن يُعِيدَ المالَ، والرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ

<<  <   >  >>