للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأَصْل أن يَعَضَّ على اليد كلّها، كلٌّ يعرف أن المراد بقولنا: يعض على يديه أي: ما يعض عليه عادةً، وهي الأصابع.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إن قوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}؛ {يَدَيْهِ} يعني على بعض يديه واستفدنا البعضية من كلمة {عَلَى}، ولم يقل: يعض يديه؟

فننظر: هل (عض) تتعدى بـ (على) أو بنفسها، ومثلها "وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ" (١)، عضَّ تتعدى بنفسها وبـ (على)، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كما يَعَضُّ الفَحْلُ؟ ! " (٢) في الرجل الَّذِي عَضَّ يدَ إنْسَانٍ فانتزعها فسقطتْ أسنانُه. ويوجد احْتِمَالٌ أن نقولَ: إنها لا تدلُّ على الكلِّيَّة، حتى لفظ اليد لا يُرادُ بها الكلُّ هنا، حتى ولو كانت تدل على الجزئيَّة فلا يراد بها الكلُّ.

وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل العض على اليدين أو على يد وَاحِدة؟

فالجواب: الظاهر كُلَّمَا قوِيَ الندم عضَّ على اليدين كلتيهما.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥]، ما معنى: لا نقيم لهم وزنًا؟

فالجواب: لا نقيم لهم وزنًا يعني لا يُعتبَر لهم وزنٌ، لكِن لا توزن سيئاتهم مثلما توزن سيئات المؤمنين؛ لِأَنَّ سيئات المؤمنينَ توزَن لأجلِ الموازنة بينها وبين الحسناتِ،


(١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (٣٦٠٦)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر، رقم (١٨٤٧). واللفظ لمسلم.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الديات، باب إذا عض رجلا فوقعت ثناياه، رقم (٦٨٩٢)، ومسلم: كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، إذا دفعه المصول عليه، فأتلف نفسه أو عضوه، لا ضمان عليه، رقم (١٦٧٣)، واللفظ للبخاري.

<<  <   >  >>